للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال: {لَتَنزِيلُ رَبِّ العالمين} [الشعراء: ١٩٢] .

أي: أنه كلام الله لم أقلْهُ من عندي، خاصة وأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يسبق له أنْ وقف خطيباً في قومه، ولم يُعرف عنه قبل الرسالة أنه خطيب أو صاحب قَوْل.

إذن: فهو بمقاييس الدنيا دونكم في هذه المسألة، فإذا كان ما جاء به من عنده فلماذا لم تأتُوا بمثله؟ وأنتم أصحاب تجربة في القول والخطابة في عكاظ وذي المجاز وذي المجنة، فإن كان محمد قد افترى القرآن فأنتم أقدر على الافتراء؛ لأنكم أهل دُرْبة في هذه المسألة.

و {العالمين} [الشعراء: ١٩٠] : كل ما سوى الله عزَّ وجلَّ؛ لذلك كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رحمة للعالمين للإنس وللجن وللملائكة وغيرها من العوالم.

لذلك لما نزلت: {وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ١٠٧] «سأل سيدنا رسول الله جبريل عليه السلام:» أما لك من هذه الرحمة شيء يا أخي جبريل؟ «فقال: نعم، كنت أخشى سوء العاقبة كإبليس، فلما أنزل الله عليك قوله: {ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي العرش مَكِينٍ} [التكوير: ٢٠] أمنْتُ العاقبة، فتلك هي الرحمة التي نالتني» .

وليس القرآن وحده تنزيلَ رب العالمين، إما كل الكتب السابقة السماوية كانت تنزيلَ رب العالمين، لكن الفرق بين القرآن والكتب السابقة أنها كانت تأتي بمنهج الرسول فقط، ثم تكون له معجزة في أمر آخر تثبت صِدْقه في البلاغ عن الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>