للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان بإمكان موسى أن يطلب من ربه أن يستعين بأخيه هارون، فيكون هارون من باطن موسى، لكنه أحب لأخيه أن يشاركه في رسالته، وأن ينال هذا الفضل وهذه الرِّفْعة، فقال: {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي ... } [القصص: ٣٤] يعني: معيناً لي حتى لا يُكذِّبني الناس، فيكون رسولاً مِثْلِي بتكليف من الله.

لذلك نرى الآيات تتحدث عن هارون على أنه رسول شريك لموسى في رسالته، يقول تعالى في شأنهما: {اذهبآ إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طغى فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى} [طه: ٤٣ - ٤٤] .

فإذا نظرنا إلى وحدة الرسالة فَهُما رسول واحد، وهذا واضح في قوله تعالى:

{فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فقولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العالمين} [الشعراء: ١٦] .

وجاء في قول فرعون: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الذي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشعراء: ٢٧] بصيغة المفرد. كما لو بعث رئيس الجمهورية رسالة مع اثنين أو ثلاثة إلى نظيره في دولة أخرى، نُسمِّي هؤلاء جميعاً (رسول) ؛ لأن رسالتهم واحدة، فإذا نظرتَ إلى وحدة الرسالة من المرسل إلى المرسَل إليه فهما واحد، وإذا نظرتَ إلى كلٍّ على حِدَة فهما رسولان.

وقد ورد أيضاً: {إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ ... } [طه: ٤٧] فخاطبهم مرة بالمفرد، ومرة بالمثنى.

لذلك لما دعا موسى - عليه السلام - على قوم فرعون لما غرَّتهم الأموال، وفتنتهم زينة الحياة الدنيا قال {رَبَّنَا اطمس على أَمْوَالِهِمْ واشدد على قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حتى يَرَوُاْ العذاب الأليم} [يونس: ٨٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>