للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الأمية عند رسول الله فشرف؛ لأن قصارى المتعلِّم في أيِّ أمة من الأمم أنْ يأخذ بطرفٍ من العلم من أمثاله من البشر، فيكون مديناً له بهذا العلم، أمَّا رسول الله فقد تعلم من العليم الأعلى، فلم يتأثر في علمه بأحد، وليس لأحد فضل عليه ولا منة.

لذلك تعجب الدنيا كلها من أمة العرب، هذه الأمة الأمية المتبدية التي لا يجمعها قانون، إنما لكل قبيلة فيها قانونها الخاص، يعجبون: كيف سادتْ هذه الأمةُ العالمَ، وغزتْ حضارتهم الدنيا في نصف قرن من الزمان.

ولو أن العرب أمة حضارة لقالوا عن الإسلام قفزة حضارية، كما قالوا بعد انتصارنا في أكتوبر، وبعد أن رأى رجالنا أشياء غير عادية تقاتل معهم، حتى أنهم لم يشكُّوا في أنها تأييد من الله تعالى لجيش بدأ المعركة بصيحة الله أكبر، لكن ثالث أيام المعركة طلع علينا في جرائدنا من يقول: إنه نصر حضاري، وفي نفس اليوم فُتحت الثغرة في (الدفرسوار) .

وعجيب أمر هؤلاء من أبناء جلدتنا؛ لماذا تردُّون فضل الله وتنكرون تأييده لكم؟ وماذا يضايقكم في نصر جاء بمدد من عند الله؟ ألم تقرأوا: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ ... } [المدثر: ٣١] وبعد أن فُتحت الثغرة ماذا قدمتم لسدِّها، تعالوا بفكركم الحضاري وأخرجونامن هذا المأزق.

وإذا ثَقُلَ على هؤلاء الاعتراف بجنود الله بين صفوفهم، أليس المهندس الذي اهتدى إلى فكرة استخدام ضغط الماء في فتح الطريق في (بارليف) لينفذ منه الجنود، أليس من جنود الله؟

<<  <  ج: ص:  >  >>