للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن: ففي كَوْن الرسول من قومه إيناسٌ للخَلْق؛ لذلك لما قالوا: لا نؤمن إلا إذا جاءنا الرسول ملكاً ردَّ عليهم: أأنتم ملائكة حتى ينزل عليكم مَلَك؟

{قُل لَوْ كَانَ فِي الأرض ملائكة يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السمآء مَلَكاً رَّسُولاً} [الإسراء: ٩٥] .

ولو فُرض أننا أرسلناه مَلَكاً أهم يروْن الملائكة؟ لا يروْنَها، فكيف إذن يُبلِّغ الملَك الناس؟ لا بُدَّ أنْ يأتيهم في صورة بشر، ولو أتاهم في صورة بشر لقالوا نريد ملَكاً.

وقوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً ... } [العنكبوت: ١٤] هذا العدد من الممكن أن يؤدى لمعانٍ كثيرة، فلم يقُلْ: فلبث فيهم تسعمائة وخمسين عاماً.

وفي الأعداد في القرآن أسرار كثيرة، واقرأ مثلاً: {وَوَاعَدْنَا موسى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ... } [الأعراف: ١٤٢] .

وفي آية سورة البقرة قال الحق سبحانه: {وَإِذْ وَاعَدْنَا موسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ... } [البقرة: ٥١] .

ففي سورة البقرة إجمال، وفي آية الأعراف تفصيل. والحكمة في هذا أن موسى عليه السلام ما إن ذهب لميقات ربه حتى عبد قومه العجل في مدة الثلاثين ليلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>