للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال الشيخ: فماذا نقول عنها إذن؟ قلت: إن اللغة العربية واسعة الاشتقاق، فمثلاً عند النسب إلى عبد الأشهل قالوا: أشهلي، ولعبد العزيز قالوا: عبدزي، ولبختنصر قالوا: بختي، والآن نقول في النسب إلى دار العلوم دَرْعمي ... إلخ فلماذا لا نتبع هذه الطريقة؟ فنأخذ القاف المفتوحة، والواو الساكنة من قوم، ونأخذ الطاء من لوط، ثم ياء النسب فنقول (قوْطي) ونُجنِّب نبي الله لوطاً عليه السلام أن ننسب إليه ما لا يليق أن يُنسب إليه.

وقد حضرت احتفالاً لتكريم طه حسين، فكان مما قلته في تكريمه: (لك في العلم مبدأ طَحَسْني) ؛ لأنه كثيراً ما نجد بين العلماء اسم طه، واسم حسين.

إذن: فقوله تعالى {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ... } [العنكبوت: ٢٦] جاءت جملة اعتراضية في قصة إبراهيم عليه السلام؛ لأنه المحصلة النهائية لدعوة إبراهيم في قومه؛ لذلك يعود السياق مرة أخرى إلى إبراهيم {وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إلى ربي ... } [العنكبوت: ٢٦] أي: منصرف عن هذا المكان؛ لأنه غير صالح لاستتباب الدعوة.

ومادة هجر وما يُشتق منها تدلُّ على ترْك شيء إلى شيء آخر، لكن هَجَرَ تعني أن سبب الهَجْر منك وبرغبتك، إنما هاجر فيها مفاعلة مثل شارك وقاتل، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يهجر مكة، إنما هاجر منها إلى المدينة.

وهذا يعني أنه لم يهاجر برغبته، إنما آذاه قومه واضطروه للخروج من بلده، إذن: فلهم دَخْل في الهجرة، وهم طرف ثَانٍ فيها.

لذلك يقول المتنبي:

إذَا ترحّلْتَ عَنْ قوْمٍ وقَدْ قَدَرُوا ... أَلاَّ تُفارِقَهُم فالرَّاحِلُونَ هُمُو

<<  <  ج: ص:  >  >>