للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاستفهام أيضاً {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ} [العنكبوت: ٦٨] يعني: أضاقتْ عنهم النار، فليس بها أمكنة لهؤلاء؟ بلى بها أمكنة لهم، بدليل أنها ستقول وهي تتشوق إليهم حين تسأل: {هَلِ امتلأت وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} [ق: ٣٠] .

وكأن الحق سبحانه يقول: لماذا يفتري هؤلاء على الله الكذب؟ ولماذا يُكذِّبون الحق؟ اعلموا أن جهنم ليس بها أماكن لهم؟ فالاستفهام في {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ} [العنكبوت: ٦٨] استفهام إنكاري يُنكر أن يظن المكذبون الكافرون أنه لا مكان لهم في جهنم.

فالحق سبحانه في إرادته أزلاً أن يخلق الخَلْق من لَدُن آدم - عليه السلام - وإلى أنْ تقوم الساعة، وأنْ يعطيهم الاختيار

{فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ ... } [الكهف: ٢٩] وقدر أن يؤمنوا جميعاً فأعدَّ لهم أماكنهم في الجنة، وقدر أن يكفروا جميعاً فأعدَّ لهم أماكنهم في النار.

فإذا كان يوم القيامة يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النارَ، يورث الله المؤمنين في الجنة أماكن الكافرين فهيا فيتقاسمونها بينهم، وكذلك يتقاسم أهل النار أماكن المؤمنين في النار بالرد، فمَنْ كان له في النار مكان واحد يصير له مكانان.

كما أن الاستفهام {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ} [العنكبوت: ٦٨] يجعل السامع يشاركك الكلام، وفيه معنى التقريع والتوبيخ، كما في قوله تعالى: {إِنَّ الذين أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ الذين آمَنُواْ يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انقلبوا إلى أَهْلِهِمُ انقلبوا فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قالوا إِنَّ هؤلاء لَضَالُّونَ وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ فاليوم

<<  <  ج: ص:  >  >>