للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وموسى وَعِيسَى ابن مَرْيَمَ. .} [الأحزاب: ٧]

قوله (مِنْكَ) أي من سيدنا رسول الله، خاتم الأنبياء والمرسلين، لكن لماذا قدَّم محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على نوح عليه السلام، وهو الأب الثاني للبشرية كلها بعد آدم عليه السلام؟

نعلم أن البشرية كلها من سلالة آدم عليه السلام، إلى أنْ جاء عهد نوح عليه السلام، فانقسموا إلى مؤمن وكافر، ثم جاء الطوفان ولم يَبْقَ على وجه الأرض إلا نوح ومَنْ آمن به، فكان هو الأب الثاني للبشر بعد سيدنا آدم.

لذلك يقول البعض: إن نوحاً عليه السلام رسالته عامة، كما أن رسالة محمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ عامة. ونقول: عمومية نوح كانت لمن آمن به ولأهل السفينة في زمن معلوم ومكان محدد، أما رسالة محمد فهي عامة في كل الزمان، وفي كل المكان.

أما تقديم ذكر محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أولاً؛ لأن الواو هنا عادة لا تقتضي ترتيباً ولا تعقيباً، إنما هي لمطلق الجمع، ثم قدم رسول الله لأنه المخاطب بهذا الكلام، ومن إكرامه الله لرسوله أنْ يبدأ به في مثل هذا المقام، ثم لهذا التقديم ملحظ آخر نفهمه من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن نفسه «كنت نبياً وآدم بين الماء والطين» .

ثم يخصُّ بالذكر هنا نوحاً؛ لأنه الأب الثاني للبشر، ثم إبراهيم وموسى وعيسى، فإبراهيم، لأن العرب كانت تؤمن به، وتعلم أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>