للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكلمة الناس هنا عامة، تشمل آدم عليه السلام وذريته إلى قيام الساعة، فإنْ قلتَ كيف؟ نقول: يشهدون على الناس بشهادة القرآن أن الرسل قد بلَّغَتْ أممها، هذا بالنسبة لمن مضى منهم، أما مَنْ سيأتي فأنتم مطالبون بأن تشهدوا عليهم أنكم قد بلَّغتموهم، كما يشهد عليكم رسول الله أنه قد بلَّغكم.

إذن: فأمة محمد أخذت حظاً من النبوة، وهو أنها ستُسْتدعي وتشهد على الناس.

لذلك يُعِدّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أمته لهذه المهمة، فيقول: «نضَّر اللهُ امرءاً، سمع مقالتي فوعاها، ثم أدَّاها إلى مَنْ يسمعها، فرُبَّ مُبلَّغٍ أوعى من سامع» .

واقرأ أيضاً في ذلك قول الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ... } [البقرة: ١٤٣] لماذا؟ {لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيداً ... } [البقرة: ١٤٣] فهذه الأمة في الوسط، بحيث لا إفراط ولا تفريط، وما أشبهها بالميزان الذي لا تميل كفة عن الأخرى إلا بما يُوضعَ فيها، فهي كالميزان العادل الذي لا يميل هنا أو هناك.

وقوله سبحانه {وَمُبَشِّراً ... } [الأحزاب: ٤٥] لمن استجاب لك بثواب الله، والبشارة هي الإخبار بالخير قبل أوانه {وَنَذِيراً ... } [الأحزاب: ٤٥] أي: منذراً لمن لم يُصدقك بعقاب الله، والإنذار هو التخويف بشرٍّ لم يأْت أوانه {وَدَاعِياً إِلَى الله بِإِذْنِهِ ... } [الأحزاب: ٤٦] أي: بأمر منه، لا تطَوُّعاً من عندك، فقد يأتي زعيم من الزعماء أو مصلح من

<<  <  ج: ص:  >  >>