للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكلمة «الطريق المستقيم» من الأمور المحسة والتي يتعرف الناس عليها بالتطبيق لقواعد المنهج.

إن كلمة «مكر» ، مأخوذة من الشجر، فساعة أن ترى الشجرة التي لا تلتف أغصانها على بعضها فإن الإنسان يستطيع أن يحكم أن ورقة ما، هي من فرع ما، ولكنْ هناك نوع من الأشجار تكون فروعه ملفوفة على بعضها بحيث لا يستطيع الإنسان أن يعرف أي ورقة من أي فرع هي، ومن هذا المعنى أخذنا كلمة «المكر» فالرجل الذي يلف ويدور، هو الذي يمكر، فالذي يلف على إنسان من أجل أن يستخلص منه حقيقة ما، والذي يحتال من أجل إبراز حقيقة، فإن كان ذلك بغير قصد الضرر نسميه حيلة، وإن كان بقصد الضرر فهذا هو المكر السيء. ولذلك فالحق يقول: {وَمَكْرَ السيىء وَلاَ يَحِيقُ المكر السيىء إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الأولين فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ الله تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ الله تَحْوِيلاً} [فاطر: ٤٣] .

ومعنى ذلك أن هناك مكراً غير سيء، أي أن المكر الذي لا يقصد منه إيقاع الضرر بأحد، فإننا نسميه مكرَ خير، أما المكر الذي يقصد منه إيقاع الضرر فهو «المكر السيء» . ولنا أن نسأل: ما الذي يدفع إنسانا ما إلى المكر؟ إن الذي يمكر يداري نواياه، فقد يظهر لك الحب بينما هو مبغض، ويريد أن يزين لك عملا ليمكر بك، فيحاول مثلا أن يصحبك إلى مكان بعيد غير مأهول بالناس ويريد أن يوقع بك أبلغ الضرر، وقد يكون القتل.

إذن، فمن أسس المكر التبييت، والتبييت يحتاج إلى حنكة وخبرة، لأن الذي يحاول التبييت قد يجد قبالته من يلتقط خبايا التبييت بالحدس والتخمين، وما دام المكر يحتاج إلى التبييت، فإن ذلك علامة على الضعف في البشر لأن القوي لا يمكر ولا يكيد ولكن يواجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>