للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالدركة تنزل، والدرجة ترفع.

{هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ الله} فالله هو العادل الذي ينظر لخلقه جميعا على أنهم خلقه، فلا يعادي أحدا، إنه يحكم القضية في هذه المسألة سواء أكانت لهم أم كانت عليهم، وبعد ذلك يردفها - سبحانه بقوله: {والله بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} ليطمئن هؤلاء على أن الله بصير بما يعملون فلن يضيع عنده عمل حسن، ولن تهدر عنده سيئة بدرت منهم. {والله بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} . ونحن نسمع كلمة «يعمل» وكلمة «يفعل» وكلمة «يقول» ، والعمل أهم الأحداث، لأن العمل هو تعلق الجارحة بما نيطت به، فالقلب جارحة عملها النية، واللسان جارحة عملها القول، والأذن جارحة وعملها الاستماع، والعين جارحة وعملها أن تنظر. إذن فكل جارحة من الجوارح لها حدث تنشئه لتؤدي مهمتها في الكائن الإنساني، إذن فكل أداءِ مُهِمّة من جارحة يقال له: «عمل» .

لكن «الفعل» هو تعلق كل جارحة غير اللسان بالحدث، أما تعلق اللسان فيكون قولا ومقابله فعل، إذن ففيه قول وفيه فعل وكلاهما «عمل» إذن فالعمل يشمل ويضم القول والفعل معا؛ لأن العمل هو شغل الجارحة بالحدث المطلوب منها، لكن الفعل هو: شغل جارحة غير اللسان بالعمل المطلوب منها، وشغل اللسان بمهمته يسمى: قولا ولا يسمى فعلاً، لماذا؟ لأن الإنسان يتكلم كثيرا، لكن أن يحمل نفسه على أن يعمل ما يتكلمه فهذه عملية أخرى، ولذلك يقول الحق: {ياأيها الذين آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢ - ٣]

إذن فالقول مقابله الفعل، والكل عمل {والله بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} قولا أو فعلاً وبعد ذلك يقول الحق سبحانه:

<<  <  ج: ص:  >  >>