للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السماء دونما تعب منهم. . ولكنهم لعدم إيمانهم بالغيبيات يريدون الأمر المادي وهم يخافون أن ينقطع المَنَّ والسلْوى عنهم يوما ما فماذا يفعلون؟

لو كانوا مؤمنين حقا لقالوا: إن الذي رزقنا بالمن والسلوى لن يضيعنا. . ولكن الحق جل جلاله ينزل لهم طعامهم يوميا من السماء وهم بدلا من أن يقابلوا هذه النعمة بالشكر قابلوها بالجحود.

وقوله تعالى: {وَمَا ظَلَمُونَا ولكن كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} فالحق سبحانه وتعالى يتحدث للمرة الثالثة عن ظلم قوم موسى. . ففي المرة الأولى قال «وأنتم ظالمون» . وفي الآية الثانية قال: «ظلمتم أنفسكم» . . وفي هذه الآية قال: {وَمَا ظَلَمُونَا ولكن كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} . .

ولقد سبق أن قلت أنه لا أحد يستطيع أن يظلم الله لأن الله سبحانه وتعالى باق بقدرته وقوته وعظمته. . لا يقلل منها لو كفر أهل الأرض جميعا ولا يزيد فيها لو آمن أهل الأرض كلهم. فقدرة الله باقية وكلمته ماضية.

. ولكن نحن الذين نظلم أنفسنا. . بأن نوردها مورد التهلكة والعذاب الذي لا نجاة منه دون أن نعطيها شيئا. .

إن الدنيا كما قلنا عالم أغيار. والنعمة التي أنت فيها زائلة عنك. إما أن تتركها بالموت أو تتركك هي وتزول عنك. . وتخرج من الدنيا تحمل أعمالك فقط. . كل شيء زال وبقيت ذنوبك تحملها إلى الآخرة. . ولذلك فإن كل من عصى الله وتمرد على دينه قد ظلم نفسه لأنه قادها إلى العذاب الأبدي طمعا في نفوذ أو مال زال بعد فترة قصيرة ولم يدم. . فكأنه ظلمها بأن حرمها من نعيم أبدي وأعطاها شهوة قصيرة عاجلة «.

<<  <  ج: ص:  >  >>