للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَأَثَابَهُمُ الله بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} والحق يريد أن يؤكد لنا أن كل حركة إيمانية حتى ولو كانت قولاً إنما تأخذ كمالها من عمرها. ونعلم أن الإيمان في مكة كان هو الإيمان بالقول. ذلك أن الناس آمنت ولم تكن الأحكام قد نزلت، فغالبية الأحكام نزلت في المدينة. وعلى ذلك أثاب الله المؤمنين لمجرد أنهم قالوا كلمة الإيمان، حدث ذلك ولم يكن قد جاء من الحق الأمر بالبلاغ الشامل وهو قوله الحق: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين} [الشعراء: ٢١٤] .

فهؤلاء قد جزاهم الله حسن الثواب وسمّاهم «محسنين» وكذلك فعل النجاشي، فقد ذهب إلى الإيمان دون أن توجه له دعوة وكان ذلك قبل أن يكتب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الدعوة للملوك ليؤمنوا، وعلى هذا فالنجاشي محسن؛ لأنه قفز إلى الإيمان قبل أن يطلب منه. وساعة يتكلم الحق عن منزلة من منازل الإيمان فهو أيضاً يتعرض للمقابل، وذلك لتبلغ العظة مراميها الكاملة. فإذا تحدث عن أهل الجنة فهو يعقبها بحديث عن أهل النار، وإذا تحدث عن أهل النار فهو يعقبها بحديث عن أهل الجنة؛ لأن النفس الإنسانية تكون مستعدة للشيء ومقابله.

ويقول الحق من بعد ذلك: {والذين كَفَرُواْ ... }

<<  <  ج: ص:  >  >>