للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويروى أن سيدنا عمر بن الخطاب كان له أرض في أعلى المدينة. . وكان حين يذهب إليها يمر على مدارس اليهود ويجلس إليهم. . وظن اليهود أن مجلس عمر معهم إنما يعبر عن حبه لهم. . فقالوا له إننا نحبك ونحترمك ونطمع فيك. . ففهم عمر مرادهم فقال والله ما جالستكم حبا فيكم. . ولكني أحببت أن أزداد تصورا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وأعلم عنه ما في كتابكم. . فقالوا له ومن يخبر محمدا بأخبارنا وأسرارنا؟ فقال عمر إنه جبريل ينزل عليه من السماء بأخباركم. . قالوا هو عدونا. . فقال عمر كيف منزلته من الله؟ قالوا إنه يجلس عن يمين الله وميكائيل يجلس على يسار الله. . فقال عمر مادام الأمر كما قلتم فليس أحدهما عدواً للآخر لأنهما عند الله في منزلة واحدة.

. فمن كان عدواً لأحدهما فهو عدو لله. . فلن تشفع لكم عداوتكم لجبريل ومحبتكم لميكائيل لأن منزلتهما عند الله عالية.

إن عداوتهم لجبريل عليه السلام تؤكد ماديتهم. . فهم يقيسون الأمر على البشر. . إن الذي يجلس على يمين السيد ومن يجلس على يساره يتنافسان على المنزلة عنده. . ولكن هذا في دنيا البشر. . ولكن عند الملائكة لا شيء من هذا. . الله عنده ما يجعله يعطي لمن يريد المنزلة العالية دون أن ينقص من الآخر. . ثم إن الله سبحانه وتعالى اسمه الحق. . وما ينزل به جبريل حق وما ينزل به ميكائيل حق. . والحق لا يخاصم الحق. . وقال لهم عمر أنتم أشدّ كفرا من الحمير. . ثم ذهب إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فلم يكد الرسول يراه حتى قال له وافقك ربك يا عمر. . وتنزل قول الله تبارك وتعالى: {قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ على قَلْبِكَ بِإِذْنِ الله مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وبشرى لِلْمُؤْمِنِينَ} فقال عمر يا رسول الله. . إني بعد ذلك في إيماني لأصلب من الجبل.

إذن فقولهم ميكائيل حبيبنا وجبريل عدونا من الماديات، والله تبارك وتعالى يقول لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. . إنهم يُعَادُون جبريل لأنه نزل على قلبك بإذن الله. . ومادام نزل من عند الله على قلبك. . فلا شأن لهم بهذا. . وهو مصدق لما بين يديهم من التوراة. . وهو هدى وبشرى للمؤمنين. . فأي عنصر من هذه العناصر تنكرونه على جبريل. . إن عداوتكم لجبريل عداوة لله سبحانه وتعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>