للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذلكم وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: ١٥٣]

ونظراً لأن هذه الوصية تستوعب كل الأحكام إيجابًّا وسلبًّا، نهيًّا وأمراً، فوضح لهم أنه يجب عليكم أن تتبعوا الصراط المستقيم: لتقوا أنفسكم آثار صفات القهر من الحق سبحانه وتعالى، وأول جنودها النار.

والصراط: هو الطريق المعبّد، ويأخذون منه صراط الآخرة، وهو - كما يقال - «أدق من الشعرة، وأحدّ من السيف» ، ما معنى هذا الكلام؟ . معناه أن يُمشى عليه بيقظة تامة واعتدال؛ لأنه لو راح يمنة يهوي في النار، ولو راح يسرة يسقط فيها، فهو صراط معمول بدقة وليس طريقاً واسعاً، بل - كما قلنا - «أدقّ من الشعرة وأحدّ من السيف» فلتمش على صراط الله ومنهجه معتدلاً، فلا تنحرف يمنة أو يسرة؛ لأن الميل - كما قلنا - يبعدك عن الغاية، إنك إذا بدأت من مكان ثم اختل توازنك فيه قدر ملليمتر فكلما سرت يتسع الخلل، وأي انحراف قليل في نقطة البداية يؤدي إلى زيادة الهوة والمسافة.

كذلك الدين، كلما نلتقي فيه ويقرب بعضنا من بعض، نسير في الطريق المستقيم، وكلما ابتعدنا عن التشريع تتفرق بنا السبل.

{وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذلكم وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: ١٥٣]

«ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ جلِّي بالحركة الفعلية منطوق النسبة الكلامية، حينما جلس بين أصحابه وخطّ خطًّا. وقال: هذا سبيل الله

. ثم خط خطوطاً عن يمينه وخطوطاً عن يساره، ثم قال: هذه سبل وعلى كل سبيل منها شيطان؛ يدعو إليها، ثم قرأ هذه الآية: {وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ... }

<<  <  ج: ص:  >  >>