للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يميزها خبراء التسجيل. . وبصمة رائحة قد لا نميزها نحن ولكن تميزها الكلاب المدربة. . فتشم الشيء ثم تسرع فتدلنا على صاحبه ولو كان بين ألف من البشر. . وبصمة شفرة تجعل الجسد يعرف بعضه بعضا. . فإن جئت بخلية من جسد آخر لفظها. وإن جئت بخلية من الجسد نفسه اتحد معها وعالج جراحها.

وإذا كان هذا بعض ما وصل إليه العلم. . فإن هناك الكثير مما قد نصل إليه ليؤكد لنا أنه رغم تشابه بلايين الأشخاص. . فإن لكل واحد ما يميزه وحده ولا يتكرر مع خلق الله كلهم. . وهذا هو الإعجاز في الخلق ودليل على طلاقة قدرة الله في كونه.

والله سبحانه وتعالى يعطينا المعنى العام في القرآن الكريم بأن هذا من آياته وأنه لم يحدث مصادفة ولم يأت بطريق غير مخطط بل هو معد بقدرة الله سبحانه.

. فيقول جل جلاله: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السماوات والأرض واختلاف أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّلْعَالَمِينَ} [الروم: ٢٢]

هذا الاختلاف يمثل لنا طلاقة قدرة الله سبحانه في الخلق على غير مثال. . فكل مخلوق يختلف عمن قبله وعمن بعده وعمن حوله. . مع أنهم في الشكل العام متماثلون. . ولو أنك جمعت الناس كلهم منذ عهد آدم إلى يوم القيامة تجدهم في صورة واحدة. . وكل واحد منهم مختلف عن الآخر. . فلا يوجد بشران من خلق الله كل منهما طبق الأصل من الآخر. . هذه دقة الصنع وهذا ما نفهمه من قوله تعالى: «بديع» . . والدقة تعطي الحكمة. . والإبراز في صور متعددة يعطي القدرة. . ولذلك بعد أن نموت وتتبعثر عناصرنا في التراب يجمعنا الله يوم القيامة. . والإعجاز في هذا الجمع هو أن كل إنسان سيبعث من عناصره نفسها وصورته نفسها وهيئته نفسها التي كان عليها في الدنيا. ولذلك قال الحق سبحانه: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأرض مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} [ق: ٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>