للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحين صنع موسى السامري العجل بهذه الحيلة، حدث هذا الصوت مشابها لخوار البقر.

وقصة هذا العجل تأتي في سورة طه بوضوح وسنتعرض لها حين نتعرض بخواطرنا الإِيمانية لسورة طه بإذن الله: { ... عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتخذوه وَكَانُواْ ظَالِمِينَ} [الأعراف: ١٤٨]

ولماذا اختار السامري العجل؟ لأنهم حين خروجهم من مصر، رأوا قدماء المصريين وهم يعبدون العجل لمزية فيه، فقد كانوا يرون فيه مظهر قوة، كما عبد الآخرون الشمس حين رأوا فيها مظهر قوة، وكذلك من عبدوا القمر، والنجوم. وقدماء المصريين عبدوا العجل لأن فيضان النيل كان يغمر الأرض بالمياه، وكانوا يستخدمون العجل. حين يريدون حرث الأرض. وكان أَيِّدًا، أي قويًّا وشديداً في حرث الأرض وهذا مظهر من مظاهر القوة، ولكن كيف اتخذ قوم موسى من بعده عجلاً يعبدونه بعد أن أتم عليهم الله المنة العظيمة حين أنجاهم وأغرق فرعون وآله؟ . وهنا أوضح لنا الله أنه جاوز ببني إسرائيل البحر ومروا على قوم يعبدون الأصنام؛ فقالوا لموسى عليه السلام: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة.

ويأتي القول من الحق: { ... أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتخذوه وَكَانُواْ ظَالِمِينَ} [الأعراف: ١٤٨]

وهذه قضية تهدم كل عبادة دون عبادة الله؛ لأن العبد لابد أن يتلقى من المعبود أوامر، وأن يكون عند المعبود منهج يريد من العبد أن ينفذه، وأن يأتي المنهج بواسطة رسل يبلغون رسالات الله وكلام الله للبشر. أما الذين يعبدون الشمس - مثلاً - فنسألهم: لماذا تعبدونها؟ وما المنهج الذي أرسلته الشمس لكم؟ . إن العبادة هي طاعة العابد للمعبود في «افعل» و «لا تفعل» فهل قالت لكم الشمس «افعلوا» و «لا تفعلوا» ؟ لا؛ لأنه لا توجد واسطة كلامية تقول لكم المنهج، وكيف يوجد - إذن - معبود بدون منهج للعابد؟ وهل قالت: إن من يعبدني سأشرق

<<  <  ج: ص:  >  >>