للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يقول فاعبدنا. . إذن ففي كل فعل يأتي الله سبحانه بنون العظمة. . وفي كل أمر يتعلق بالعبادة والتوحيد يأتي بالمفرد. . وذلك حتى نفهم أن الفعل من الله ليس وليد قدرته وحدها. . ولا علمه وحده ولا حكمته وحدها ولا رحمته وحدها. . وإنما كل فعل من أفعال الله تكاملت فيه صفات الكمال المطلق لله.

إن نون العظمة تأتي لتلفتنا إلى هذه الحقيقة لتبرز للعقل تكامل الصفات في الله. . لأنك قد تقدر ولا تعلم. . وقد تعلم ولا تقدر، وقد تعلم وتغيب عنك الحكمة. إذن فتكامل الصفات مطلوب.

قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بالحق} يعني بعثناك بالحق رسولا. . والحق هو الشيء الثابت الذي لا يتغير ولا يتناقض. . فإذا رأيت حدثا أمامك ثم طلب منك أن تحكي ما رأيت رويت ما حدث. . فإذا طلب منك بعد فترة أن ترويه مرة أخرى فإنك ترويه بنفس التفاصيل. . أما إذا كنت تكذب فستتناقض في أقوالك. . ولذلك قيل إن كنت كذوبا فكن ذكورا.

إن الحق لا يتناقض ولا يتغير. . ومادام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد أرسل بالحق. . فإنَّ عليه لأن يبلغه للناس وسيبقى الحق حقا إلى يوم القيامة.

وقوله تعالى: {بَشِيراً وَنَذِيراً} . . البشارة هي إخبار بشيء يسرك زمنه قادم. . والإنذار هو الإخبار بشيء يسوؤك زمنه قادم ربما استطعت أن تتلافاه. . بشير بماذا؟ ونذير بماذا؟ يبشر من آمن بنعيم الجنة وينذر الكافر بعذاب النار. . والبشرى والإنذار يقتضيان منهجا يبلغ. . من آمن به كان بشارة له.

ومن لا يؤمن كان إنذارا له.

ثم يقول الحق جل جلاله: {وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الجحيم} . . أي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليس مسئولا عن الذين سيلقون بأنفسهم في النار والعذاب. إنه ليس مسئولا عن هداهم وإنما عليه البلاغ. . واقرأ قوله تبارك وتعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ على آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بهذا الحديث أَسَفاً} [الكهف: ٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>