للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بيت ربهم. . وكلما كربهم شيء أو همهم شيء توجهوا إلى ربهم وهم في بيته فيذهب عنهم الهم والكرب. . ولذلك فإن الحق سبحانه وتعالى يقول: {فاجعل أَفْئِدَةً مِّنَ الناس تهوي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: ٣٧]

أفئدة وليست أجساما وتهوى أي يلقون أنفسهم إلى البيت. . والحج هو الركن الوحيد الذي يحتال الناس ليؤدوه. . حتى غير المستطيع يشق على نفسه ليؤدي الفريضة. . والذي يؤديه مرة ويسقط عنه التكليف يريد أن يؤديه مرة أخرى ومرات.

إن من الخير أن تترك الناس يثوبون إلى بيت الله. . ليمحو الله سبحانه ما في صدورهم من ضيق وهموم مشكلات الحياة.

وقوله تعالى: {مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً} . . أمنا يعني يؤمّن الناس فيه. . العرب حتى بعد أن تحللوا من دين إسماعيل وعبدوا الأصنام كانوا يؤمنون حجاج بيت الله الحرام. . يلقي أحدهم قاتل أبيه في بيت الله فلا يتعرض له إلا عندما يخرج.

والله سبحانه وتعالى يضع من التشريعات ما يريح الناس من تقاتلهم ويحفظ لهم كبرياءهم فيأتي إلى مكان ويجعله آمنا. . ويأتي إلى شهر ويجعله آمنا لا قتال فيه لعلهم حين يذوقون السلام والصفاء يمتنعون عن القتال.

والكلام عن هذه الآية يسوقنا إلى توضيح الفرق بين أن يخبرنا الله أن البيت آمن وأن يطلب منا جعله آمنا. . إنه سبحانه لا يخبرنا بأن البيت آمن ولكن يطلب منا أن نؤمّن من فيه. . الذي يطيع ربه يؤمن من في البيت والذي لا يطيعه لا يؤمنه. . عندما يحدث هياج من جماعة في الحرم اتخذته ستاراً لتحقيق أهدافها. . هل يتعارض هذا مع قوله تعالى: {مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً} . . نقول لا. .

إن الله لم يعط لنا هذا كخبر ولكن كتشريع. . إن أطعنا الله نفذنا هذا التشريع وإن لم نطعه لا ننفذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>