للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللاعنون» تضم الناس وغير الناس من الكائنات الأخرى، كأن كل من في الوجود يشترك في لعنهم، وعلى سبيل المثال، إذا حبس الله الماء عن قوم لعصيانهم، فالنبات يلعنهم لأنه حُرم من الماء، وتلعنهم الحيوانات لأنها حُرمت من الماء، وتلعنهم الأمكنة لأنهم خالفوا ما عليه الأمكنة من التسبيح لله. أما لعنة الآخرة حيث لا ري لنبات أو حيوان؛ فسيكون اللعن لهم صادرا من الله والملائكة والناس أجمعين. والناس هم بنو آدم إلى أن تقوم الساعة، وهؤلاء منهم كافر ومنهم مؤمن، كيف إذن يوجد اللعن ممن كفر مع أنه هو أيضا ملعون؟

نقول: نحن في الدنيا نجد من يخدع غيره في دين الله، وهناك من ينخدع، فإذا ما انجلت الأمور في الآخرة، وانفضح الخادعون، وأسقط في يد المخدوعين، فهنا يتبرأ الذين اتُّبِعُوا من الذين اتَّبَعُوا، يتبرأ الخادع من المخدوع، ويتبرأ المخدوع من الخادع، وكلما دخلت أمة من المخدوعين إلى النار لعنت الأمة التي خدعتها، وكلما دخلت أمة خادعة إلى النار، فإنها تلعن الذين استسلموا للخديعة، ويتبادلون اللعن.

يقول الحق: {إِذْ تَبَرَّأَ الذين اتبعوا مِنَ الذين اتبعوا} [البقرة: ١٦٦]

ويقول أيضا: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف: ٣٨]

إذن فاللعنة موجودة بين الكافرين بعضهم لبعض، كما هي موجودة في الدنيا أيضا، فالذين يكفرون بمنهج الله وينحرفون ويظلمون، هؤلاء يتلقون اللعنة من أهل منهج الله، ويتلقون اللعنة من المظلومين منهم، ثم يأتي لهم موقف آخر، يأتي لهم من يظلمهم، فيلعنونه ويلعنهم، وهكذا يلعنهم الناس أجمعون.

<<  <  ج: ص:  >  >>