للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{واتقوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ} [البقرة: ١٢٣] .

وقال بعض المشككين أن الآيتين متشابهتان، ولم يلتفتوا إلى أن كل آية تختلف عن الأخرى في التقديم للعدل، والتأخير للشفاعة.

والبلاغة الحقَّة تتجلَّى في الآيتين؛ لأن القارىء لصَدْر كل آية منهما، والفاهم للمَلَكه اللغوية العربية أن عَجُز كل آية يناسب صدرها.

ومن يقرأ قول الحق سبحانه:

{واتقوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ} [البقرة: ٤٨] .

يرى أنه أمام نفسين: النفس الأولى هي التي تقدِّم الشفاعة، والنفس الثانية هي المشفوع لها. والشفاعة هنا لا تُقبل من النفس الأولى الشافعة، وكذلك لا يُقبل العدل.

وفي الآية الثانية لاتُقبل الشفاعة ولا العدل من النفس المشفوع لها، فهي تحاول أن تقدم العدل أولاً، ثم حين لا ينفعها تأتي بالشفيع.

وهكذا جاء التقديم والتأخير في الآيتين مناسباً للموقف في كل منهما.

وهنا يقول الحق سبحانه:

{وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأرض لاَفْتَدَتْ بِهِ} [يونس: ٥٤] .

وفي هذا القول تعذُّرِ ملْك النفس الواحدة لكل ما في الأرض، ولو افترضنا أن هذه النفس ملكته فلن تستطيع الافتداء به؛ وتكون النتيجة هي ما يقوله الحق سبحانه:

<<  <  ج: ص:  >  >>