للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولسائل أن يقول:

كيف يلزم الوقف هنا مع أن القرآن الكريم مبنيٌّ على الوصل؛ وآخر حرف في كل سورة تجده مُنوَّناً، وليس في القرآن ما يُلزم الوقف للقارىء؟

وأقول رَدّاً على هذا التساؤل: إن العلماء حين لاحظوا ضعف مَلَكة اللغة؛ جاءوا بهذا الوقف ليتفهم القارىء الذي لا علم له بالبيان العربي كيف يقرأ هذه الآية، فهَبْ أن واحداً لا يملك فطنة الأداء، فينسب {إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً} [يونس: ٦٥] إلى {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} [يونس: ٦٥] . ويخطىء الفهم، ويظن معاذ الله أن العزة لله هي أمر يُحزِن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ لذلك جاء العلماء بالوقف هنا لندقِّق القراءة ونُحْسِن الفهم.

ولذلك علينا أن نقرأ {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} [يونس: ٦٥] ثم نتوقف قبل أن نتابع القراءة {إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً} [يونس: ٦٥ِ] ؛ وبهذا نفهم المعنى: يجب ألاَّ تحزن يا محمد؛ لأن أقوالهم لن تغيّر في مجرى حتمية انتصارك عليهم.

ويريد الحق سبحانه هنا أن يطمئن رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في أمر محدد، هو أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مهمته هي البلاغ فقط، وليس عليه أن يُلزمهم بالإيمان برسالته والتسليم لمنهجه.

وبيّن له الحق سبحانه: أنهم إذا ما صدُّوا بعد بلاغك، فلا تحزن مما يقولون؛ فأقوالهم لا يقوم عليها دليل، ولا تنهض لها حُجَّة، وقد جاء فيهم قول الحق سبحانه:

{وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتهآ أَنفُسُهُمْ} [النمل: ١٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>