للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

موجودة في التوراة والانجيل. . ولذلك كان أهل الكتاب ينذرون الكفار بأنهم سيؤمنون بالرسول الجديد ويسودون به العرب. . واقرأ قول الحق سبحانه وتعالى:

{وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ الله مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الذين كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ الله عَلَى الكافرين} [البقرة: ٨٩]

أي أن رسالة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم تكن مفاجئة لأهل الكتاب بل كانوا ينتظرونها. . كانوا يؤكدون أنهم سيؤمنون بها كما تأمرهم بها كتبهم. . ولكنهم رفضوا الايمان وأنكروا الرسالة عندما جاء زمنها. .

ثم يقول سبحانه وتعالى: {وبالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ} ونلاحظ هنا أن كلمة (وبالآخرة) قد جاءت. . لأنك اذا تصفحت التوراة التي هي كتاب اليهود، أو قرأت التلمود لا تجد شيئا عن اليوم الآخر.

. فقد أخذوا الأمر المادي فقط من كتبهم. . والله تبارك وتعالى أكد الايمان باليوم الآخر حتى عرف الذين يقولون آمنا بالله وكتبه ورسله ولا يلتفتون الى اليوم الآخر أنهم ليسوا بمؤمنين. . فلو لم يجئ هذا الوصف في القرآن الكريم ربما قالوا إن الاسلام موافق لما عندنا. . ولكن الله جل جلاله يريد تصوير الايمان تصويرا كماليا بأن الايمان بالله قمة ابتداء والايمان باليوم الآخر قمة انتهاء. . فمن لم يؤمن بالآخرة وأنه سيلقى الله وسيحاسبه. . وأن هناك جنة ينعم فيها المؤمن، وناراً يعذب فيها الكافر يكون ايمانه ناقصا. . ويكون قد اقترب من الكافر الذي جعل الدنيا غايته وهدفه. .

فالمؤمن يتبع منهج الله في الدنيا ليستحق نعيم الله في الآخرة. . فلو أن الآخرة لم تكن موجودة، لكان الكافر أكثر حظا من المؤمن في الحياة. . لأنه أخذ من الدنيا ما يشتهيه ولم يقيد نفسه بمنهج، بل أطلق لشهواته العنان. . بينما المؤمن قَيَّدَ حركته في الحياة طبقا لمنهج الله وتعب في سبيل ذلك. ثم يموت الاثنان وليس بعد ذلك شيء. . فيكون الكافر هو الفائز بنعم الدنيا وشهواتها. والمؤمن لا يأخذ شيئا. والأمر هنا لا يستقيم بالنسبة لقضية الايمان. . ولذلك كان الايمان بالله قمة الايمان بداية والايمان بالآخرة قمة الايمان نهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>