للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: أننا أخذنا منك يا ربّ الكثير بما حدث مِنّا من إسراف وتقصير وعمل على غير مقتضى أمرك، فلا تؤاخذنا بما بدر منا.

فلو آخذ الله الناس بما اقترفوا من ظلم. .

{مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ. .} [النحل: ٦١] .

قد يقول قائل: الله عَزَّ وَجَلَّ سَيُؤاخذ الناس بظلمهم، فما ذنب الدابة؟ ماذا فعلت؟ نقول: لأن الدابة خُلِقَتْ من أجلهم، وسُخِّرتْ لهم، وهي من نعم الله عليهم، فليست المسألة إذن نكايةً في الدابة، بل فيمَنْ ينتفع بها، وقد يُراد العموم لكل الخلق.

فإذا لم يؤاخذ الله الناس بظلمهم في الدنيا فهل يتركهم هكذا؟ لا بل:

{ولكن يُؤَخِّرُهُمْ إلى أَجَلٍ مسمى ... } [النحل: ٦١] .

هذا الأجل انقضاء دُنيا، وقيام آخرة، حتى لو لم يؤمنوا بالآخرة، فإن الله تعالى يُمهلهم في الدنيا، كما قال تعالى في آية أخرى:

{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ} [الطور: ٤٧] .

وقد يكون في هذا الأجل المسمى خير للحق، فكثير من الصحابة كانوا يدخلون المعارك، ويُحبون أنْ يقتلوا أهل الكفر فلاناً وفلاناً، ثم لا يتمكنون من ذلك ولا يصيبونهم، فيحزنون لذلك.

ولكن أَجَل هؤلاء لم يَأْتِ بَعْد، وفي علم الله تعالى أن هؤلاء الكفار سيؤمنون، وأن إيمانهم سينفع المسلمين، وكأن القدر يدّخرهم: إما أنْ يؤمنوا، وإما أن تؤمنَ ذرياتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>