للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦- الدوائر الخمس لبحور الشعر

ليس في حديث هذه الدوائر شيء جديد في علم العروض، ولا هي تشتمل على قاعدة أو رأي في العلم لم يمر بك، ولكن حديثها؛ أنها من وضع الخليل، وأنها كانت في نظره وسيلة؛ لحصر مجموعة من الأوزان الشعرية في دائرة خاصة.

والذي يدل على كلام علماء العروض، أن الخليل أراد بها أن يشير إلى أن لأوزان الشعر العربي نَسبًا ترجع إليه وأصولًا تضمها، وأن كل دائرة من هذه الدوائر وشيجة تفرعت عنها جملة من الأوزان؛ قد يكون فيها المستعمل الذي حصر الخليل قواعده، المهمل الذي لم ير العرب أن ينظموا عليه لِنُبُوِّ طباعهم عنه.

ومهما يكن من أمر هذه الدوائر فإنها طُرْفَةٌ من طُرَف العروض، ودليل على قوة ملكة الوضع والتأليف التي امتاز بها هذا الإمام الجليل.

ونستطيع أن نستدل على بدء الفكرة التي أوحت إلى الخليل أمر هذه الدوائر، فنقول: إنه نظر مثلًا إلى وزن البحر الطويل فرأى مواضع اتفاق بينه وبين المديد والبسيط في أن كلًّا منهما مؤلف من أسباب خفيفة وأوتاد مجموعة، فجرّب كيف يستخرج واحدًا من الآخر، فرأى أنه لو رتَّب أوتادَ الطويل وأسبابه على حسب ورودها في تفاعيله؛ أمكنه إذا تجاوز الوتد الأول في فعولن، وجعل يوالي ربط الأسباب بالأوتاد حتى يصل إلى حيث ابتدأ، تكوَّن له بحر المديد. ثم إذا تجاوز مبدأ المديد واستمر يوالي بين الأوتاد والأسباب اجتمع له وزنٌ مهمل. ثم إذا بدأ بأول سبب يلي بدأه السابق واستمر إلى حيث ابتدأ حصل على البحر البسيط وهكذا.

وبذلك أمكنه أن يجمع كل طائفة من البحور في دائرة. وسمى دوائره هذه بأسماء هي: المختلف، والمؤتلف، والمجتلب، والمشتبه، والمتفق.

١- فدائرة المختلف: مثمَّنة التفاعيل، وهي تشتمل على خمسة أبحر منها

<<  <   >  >>