للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفائدته لو تزوجت بزوج فطلقها قبل أن يدخل بها له أن يتزوج بهذه الصبية؛ ولو دخل بها، والمسألة بحالها لا يجوز له أن يتزوج بهذه الصبية لأنها ربيبته المدخولة. ولبن الحية والميتة سواء في التحريم؛ لاستوائهما في المعنى الموجب للحرمة وهو حصول التسوية.

وتثبت حرمة الرضاع بالسعوط والوجور لأنه مما يغذي الصبي، فالسعوط يصل إلى الدماغ فيتقوى به، والوجور يصل إلى الجوف فيحصل به النشوء.

والإقطار في الأذن لا يثبت الحرمة؛ لأن الظاهر أنه لا يصل إلى الدماغ لضيق ذلك الثقب. وكذلك الإقطار في الإحليل؛ لأن أكثر ما فيه أن يصل إلى المثانة فلا يتغذى به الصبي عادة، وكذلك الحقنة في ظاهر الرواية لا يوجب الحرمة.

وإذا وُضِعَ لبن المرأة في طعام فأكله صبي، فإن كانت النار قد مسته وأنضج الطعام حتى يتغير لا تثبت الحرمة، سواء كان اللبن غالباً أو مغلوباً. وإن كانت النار لم تمسه فإن كان الطعام هو الغالب لا تثبت به الحرمة، وإن كان اللبن هو الغالب فعلى قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله: تثبت الحرمة اعتباراً للغالب. وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله لا تثبت.

وشرط القدوري رحمه الله على قول أبي حنيفة أن يكون الطعام مستبيناً معناه إذا كان بمنزلة الثريد، وهذا لأن الطعام إنما كان مستبيناً فهو الأصل، واللبن وإن كان غالباً فهو كالتَّبَعِ للطعام فيما هو المقصود، فإن اللبن يغلب الثريد، ويكون الأصل هو الثريد.

قيل إنما لا تثبت الحرمة على قول أبي حنيفة رحمه الله إذا كان لا يتقاطر اللبن (٢٠١أ١) عند حمل اللقمة، وأما إذا كان يتقاطر تثبت به الحرمة وقيل لا تثبت به الحرمة، وقيل: لا تثبت الحرمة على قول أبي حنيفة رحمه الله على حال، وإليه مال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله، وذكر شيخ الإسلام خواهر زاده رحمه الله، أن على قول أبي حنيفة رحمه الله إنما لا تثبت الحرمة إذا أكل لقمةً لقمةً. أما إذا حَسَا حسواً تثبت الحرمة، وقيل: إذا وصل اللبن منفرداً فلا خلاف، وإذا تناول الثريد فلا خلاف. وفي كتاب الرضاع للخصاف: إذا ثردت له خبزاً في لبنها حتى نشف الخبز ذلك اللبن، أو بلّت به سويقاً أو شيئاً ثم أطعمته إيّاه؛ إن كان طعم اللبن يوجد فهو رضاع؛ وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهما الله، هكذا ذكر صاحب «الأجناس» .

ولوخلط لبن المرأة بالماء أو بالدواء أو بلبن البهيمة فالعبرة للغالب. في «المنتقى» : فسّر الغلبة في رواية ابن سماعة عن أبي يوسف رحمه الله فقال: إذا جعل في لبن المرأة دواء فغيّر اللون ولم يتغيّر الطعم أو على العكس فأوجرته صبيّاً حرم، وإن غيّر اللون والطعم فلم يوجد طعم اللبن وذهب لونه لم يحرم، وفسّر الغلبة في رواية ابن الوليد عن محمد رحمه الله فقال: إذا لم يتغير الدواء من أن يكون لبناً تثبت به الحرمة، وإن خُلط بلبن امرأة أخرى فكذلك عند أبي يوسف، وعند محمد رحمها الله: تثبت الحرمة بينهما وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله.

وإذا طلق الرجل امرأته ولها منه لبن فتزوجت بزوج آخر بعدما انقضت عدتها

<<  <  ج: ص:  >  >>