للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حيث صح؛ لأنه لو وقع الطلاق ثبتت مشيئة الله تعالى، ووجود الأشياء كلها مشيئة الله تعالى تخالف ما إذا قيده باليوم وذكر هذه المسألة في «المنتقى» ووصفها في الثنتين والثلاث وقال لها: أنت طالق ثنيتين اليوم إن شاء الله وإن لم يشأ الله تعالى في اليوم، فأنت طالق (٢٤٨أ١) ثلاثاً فمضى ولم يطلقها طلقت ثلاثاً وإن لم يؤقت في اليمينين جميعاً فهو إلى الموت، فإذا لم يطلقها طلقت قبل الموت، فصل هذه الزيادة في «المنتقى» ، وإنه يخالف ما ذكر في «النوازل» وذكر في «المنتقى» أيضاً قبل هذه المسألة إذا قال لها أنت طالق إن لم يشأ الله طلاقك لا تطلق بهذا اليمين أبداً وإنه يوافق ما ذكر في «النوازل» .

وفي «المنتقى» عن محمد رحمه الله إذا قال لها: أنت طالق أمس إن شاء الله إنه لا يقع الطلاق.

نوع آخر فيما يقع به الفعل من الإيجاز والاستثناء وفيما لا يقع

عن أبي يوسف رحمه الله فيمن حلف بالطلاق واستثنى وتنفس بين الاستثناء وبين الطلاق ووجد من النفس بداً أو لم يجد قال: إذا فصله فهو استثناء.

قال في «الجامع» : إذا قال لامرأته يا زانية أنت طالق إن شاء الله كان استثناؤه على الطلاق، ويصير قاذفاً للحال. ولو قال لها: أنت طالق يا زانية بنت الزانية إن شاء الله، فالاستثناء على الكل حتى لا يقع الطلاق ولا يَلزمه حد ولا لعان؛ لأن النسبة إنما تذكر لتعريف المنادى فيصير من جملة النداء، والنداء لا يصير فاصلاً، فكذا ما هو جملة النداء.

فإن قيل: التعريف يقع بالنسبة إلى الأب دون الأم، فلم يكن قوله بنت الزانية محتاجاً إليه لتعريف المنادى فيجب أن يصير فاصلاً، قلنا النسبة إلى الأب مما يقع به التعريف، إلا أن الأم لا تذكر في النسبة لا؛ لأن التعريف بها لا يقع لكن لأن الأنساب إلى الآباء، ألا ترى أنه لو قال: أنت طالق يا عمرة بنت فاطمة إن دخلت الدار؛ لا يكون قوله بنت فاطمة فاصلاً كما لو قال يا عمرة بنت عبد الله وطريقه ما قلنا. ولو قال لها: أنت طالق ثلاثاً يا طالق إن شاء الله انصرف الاستثناء إلى الكل حتى لا يقع شيء من الطلاق، وعن أبي حنيفة رحمه الله: أنه يقع ثلاث تطليقات ويصير قوله يا طالق فاصلاً بين الثلاث.

فعلى هذه الرواية فرق أبو حنيفة رحمه الله بين هذه المسألة وبين ما إذا قال لها: أنت طالق يا زانية إن دخلت الدار حيث قوله يا زانية لا يصير فاصلاً بين الطلاق والشرط حتى يتعلق الطلاق بالدخول، وههنا قال: يا طالق يصير فاصلاً.

والفرق: أن قوله: يا طالق إن كان نداء بصيغته فهو إيقاع بمعناه، ولهذا إذا قال يا طالق تطلق، كما لو قال لها: أنت طالق ثلاثاً، أنت طالق إن شاء الله. وإذا كان هذا إيقاعاً معنى صار كأنه قال لها: أنت طالق ثلاثاً أنت طالق إن شاء الله، ولو قال هكذا

<<  <  ج: ص:  >  >>