للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا الجنس. روي عن محمّد رحمه الله في «النوادر» إذا قال: نسائي طوالق إلا فلانة وفلانة وفلانة ليس له من النسوة سواهن صح الاستثناء، ولو قال: نسائي طوالق إلا نسائي لا يصحّ، وما أقرها إلا باعتبار اللفظ.

وفي «البقالي» : إذا قال: كلّ امرأتي لي طالق إلا هذه، وليس له غيرها لم تطلق، ولو قال: نسائي طوالق فلانة وفلانة وفلانة إلا فلانة فالاستثناء جائز؛ لأن قوله: فلانة وفلانة وفلانة تفسير لقوله: نسائي طوالق، فيكون الحكم بقوله: نسائي طوالق. ولو قال نسائي طوالق إلا فلانة يصحّ الاستثناء كذا ها هنا، ولو قال: فلانة طالق وفلانة وفلانة إلا فلانة لا يصح الاستثناء، وكذلك إذا قال: هذه وهذه وهذه إلا هذه كان الاستثناء باطلاً.

وفي «المنتقى» : إذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً إلا واحدة أو لا شيء، فهذا لم يستثن شيئاً وطلقت ثلاثاً، وإذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً إلا نصف تطليقة، فاعلم بأن الطلقة لا تتجزأ في طرف الإيقاع، وهل تتجزأ في طرف الاستثناء. فعلى قول أبي يوسف رحمه الله، لا تتجزأ وعن محمّد رحمه الله، روايتان: حتى إن في هذه المسألة تقع ثنتان عند أبي يوسف، وإحدى الروايتين عن محمد رحمهما الله، ويصير كأنّه قال: أنت طالق ثلاثاً إلا واحدة، في رواية أخرى تتجزأ في طرف الاستثناء حتّى إن في هذه المسألة تقع الثلاث على هذه الرواية؛ لأنّه لما صح استثناء النصف، صار تقدير كلامه؛ أنت طالق تطليقتين ونصف فتكاملت التطليقة الثالثة، وعلى هذا إذا قال لها: أنت طالق واحدة ونصف، فعلى قول أبي يوسف رحمه الله تقع ثنتان، وعن محمّد رحمه الله روايتان، في رواية: تقع ثنتان كما هو قول أبي يوسف رحمه الله، وفي رواية تقع واحدة.

نوع آخر

وكما يصح الاستثناء من أصل الكلام يصح الاستثناء من الاستثناء، قال الله تعالى: {إِلا ءالَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ امْرَأَتَهُ} (الحجر: ٥٩، ٦٠) استثنى آل لوط من جملة الناس، واستثنى امرأة لوط من آله.

بيان هذا: إذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً إلا ثنتين إلا واحدة يقع ثنتان، والأصل في جنس هذه المسائل أن المستثنى ثانياً يجعل مستثنياً من الاستثناء الأوّل، ثمِّ ينظر إلى ما بقي من هذا، فيعزل من: الاستثناء الأول فيجعل ذلك مستثنياً من أصل الكلام.

إذا ثبت هذا فنقول له: الاستثناء الثاني واحدة، فيجعل ذلك مستثنياً من أصل الكلام، وهو الثلاث يبقى من أصل الكلام ثنتان، فهي الواقع.

وعلى هذا إذا قال: أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً إلا واحدة تقع واحدة، ويجعل الواحدة مستثنياً من الاستثناء الثاني، وهو الثلاث يبقى من الاستثناء الثاني ثنتان يجعل ذلك مستثنياً من الاستثناء الثاني وهو الثلاث يبقى من الاستثناء الثاني ثنتان يجعل ذلك مستثنياً من الأصل، وهو الثلاث يبقى واحدة، فهي الواقع.

وكذلك إذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً إلا ثنتين إلا واحدة وقعت واحدة، والوجه ما ذكرنا. ومن المشايخ من اعتبره بنوع تقريب، فقال: ينبغي أن تعقد العدد الأوّل

<<  <  ج: ص:  >  >>