للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يُحرِّم الوطء على المظاهر إلى غاية الكفارة، فكذا تحرم الدواعي نحو المسّ، والتقبيل وما أشبه ذلك، وروى ابن رستم عن محمّد رحمهما الله: إذ قال: يقبّل المظاهر امرأته بغير شهوة إذا قدم من السفر كما يقبّل أمّه، ويصحّ تعليق الظهار بالشرط؛ لأنّ الظهار يسبّب الحرمة فكان نظير الطلاق، فيصحّ تعليقه بالشرط كما يصح تعليق الطلاق بالشرط.

وروى بشر عن أبي يوسف رحمه الله: إذا قال لها: أنتِ عليّ كظهر أمّي رأس الشهر، ولو علّق الطلاق بشرط ثمَّ أبانها ثمَّ وجد الشرط لا يثبت الظهار؛ لأنَّ المعلّق بالشرط عند وجود الشرط كالمرسل.

ولو أرسل الظهار بعد البينونة لا يصحّ؛ لأنّ حكم الظهار حرمة مؤقتة، وسببه تشبيه المحلّلة بالمحرّمة، وكل ذلك لا يتصوّر بعد ثبوت الحرمة بالبينونة، وهذا بخلاف ما لو علّق البينونة بالشرط ثمَّ أبانها، ثمَّ وجد الشرط حيث يقع الطلاق؛ لأنّ البينونة إذا صحّ تعليقها بالشرط صار تقديره: كأنّه علّق الطلاق الثاني بالشرط فينزل الشرط طلاق بائن، وإيقاع الطلاق على المبانة صحيح، وإذا قال لها: إن ... فأنتِ عليّ كظهر أمّي، فبان ذلك في محلته لها لزمها الظهار، وهذا والطلاق سواء، ذكر في «الأصل» .

وفيه أيضاً: إذا ظاهر هو من امرأته، ثمَّ قال لامرأة أخرى له: أنتِ عليّ مثل هذه ينوي الظهار فهو مظاهر، وكذلك إذا ظاهر الرّجل من امرأته: ثمَّ قال رجل لامرأته أنتِ عليّ مثل امرأة فلان فهو مظاهر منها، وكذلك إذا ظاهر من امرأته ثمَّ قال لامرأة أخرى: أشركتك في ظهارها كان مظاهراً منها، وإذا ظاهر من أربع نسوة فعليه لكلّ واحدة كفّارة؛ لأنّ حكم الظهار حرمة مؤقتة إلى غاية الكفّارة، فإذا أضاف الظهار إلى محال مختلفة يثبت في كلّ محلّ حرمة على حدة فيحتاج إلى الغاية، وهي الكفّارة في كلّ محلّ على حدة.

وإذا ظاهر من امرأته مراراً في مجالس مختلفة، أو مجلس واحد فعليه لكلّ ظهار كفّارة، هكذا روي عن علي رضي الله عنه؛ ولأنّ الظهار سبب الحرمة، فاجتماع أسباب الحرمة في محلّ واحد جائز، ألا ترى أنَّ صيد الحرم حرام على المحرم لإحرامه، ولكون الصيد في الحرم، وألا ترى أنَّ الخمر على الصائم حرام لعينه، ولصومه، وليمينه إذا حلف لا يشربها، فلهذا وجب بكلّ ظهار كفّارة، قال إلا أن يكون عنى بالثانية والثالثة الأولى، فحينئذٍ لا يلزمه أكثر من كفارة واحدة؛ لأنّ صفة الإخبار والإنشاء في الظهار واحد والكلام يحتمل الإعادة والتكرار، فلا يلزمه إلا ما لزمه بالأوّل.

بشر عن أبي يوسف رحمهما الله: إذا قال لها: أنتِ عليّ كظهر أمّي مائة مرّة، فعليه كفّارة بكلّ مرّة كفّارة، أو إذا وطء المظاهر فينبغي له أن يستغفر الله لا يلزمه سوى الاستغفار شيء؛ لأنُّ النبي عليه السلام لم يوجب على مسلمة بن حجر سوى

<<  <  ج: ص:  >  >>