للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو نظير ما لو قال لعبيده أيكم أكل هذه الرغيف فهو حر فأكله اثنان أو أكثر من ذلك لا يعتق واحد منهم، سواء كان يقدر الواحد على أكله بدفعة واحدة أو بدفعتين أو بدفعات؛ لأن أكل الرغيف من كل واحد متصور إما بدفعة أو بدفعات، فصار الداخل تحت كلمة أي موصوفاً بأكل جميع الرغيف، فلا يعتق بأكل بعض الرغيف، وستأتي مسألة الرغيف في المسائل المتفرقات، وما فيها من اختلاف المشايخ.

فأما إذا كانت الخشبة ثقيلة بحيث لا يقدر الواحد على حملها، فالنكرة صارت موصوفة بحمل بعض الخشبة؛ لأن العمل بحقيقة الكلام متعذر لأن حمل جميع الخشبة لا يأتي من كل واحد في هذه الصورة فيعمل بمجازه، ويجعل الشرط من كل واحد منهم حمل بعض هذه الخشبة.

وهو نظير ما لو قال لعبيده أيُّكم شرب ماء هذا البحر فهو حر فشرب كل واحد منهم قطرة عتقوا؛ لأن العمل بحقيقة هذا الكلام متعذر فيعمل بمجازه، وجعل الشرط في حق كل واحد من العبيد بشرب بعض الماء.

ثم إن محمّداً رحمه الله يقول في «الكتاب» إذا كانت الخشبة ثقيلة يقدر على حملها اثنان، فحملوها جميعاً عتقوا لأن الشرط في هذه الصورة حمل بعض الخشبة، والبعض من حيث إنه بعض لا يفصل فيه بين قدر وقدر.

يقول أيضاً إذا كانت الخشبة حفيفة، بحيث يقدر الواحد على حملها إذا حملها واحد عتق، وإذا حملها واحد بعد واحد عتقوا. وفيه نوع إشكال؛ لأن هذا اللفظ إن كان خاصاً ينبغي أنه إذا حملها الواحد، وحكم بعتقه، أنه لو حملها آخر بعد ذلك إنه لا يعتق، وإن كان عاماً ينبغي أن لا يعتق واحد منهم ما لم يحملوها جميعاً واحد بعد واحد، كما لو قال إن حملتم هذه الخشبة فأنتم أحرار.

والجواب هذا اللفظ خاص بصورته عام من حيث المعنى، فإذا حملها واحد عتقوا عملاً بعموم المعنى، بخلاف قوله إن حملتم هذه الخشبة، لأنه عامة صورة ومعنى؛ فما لم يحملوها لا يعتقون.

وفي «الفتاوى» : رجل قال كل جارية أشتريها ما لم أشترِ فلانة * لجارية سماها * فهي حرة ثم إن الجارية المحلوف عليها غابت، أو ماتت فاشترى جارية أخرى ففي الموت لا تعتق عند أبي حنيفة ومحمّد رحمهما الله؛ لأنه وجد الشرط واليمين ساقط على قولهما لفوت الغاية، وفي الغيبة يعتق ما لم يظهر موتها بلا خلاف لأن بمجرد الغيبة لا يبطل اليمين، بلا خلاف.

وإذا قال لعبيده أيُّكم بشرني بقدوم (فلان) فهو حر، فبشروه معاً عتقوا ولو بشروه واحد بعد واحد عتق الأول خاصة (٣٢٣ب١) .

ولو أمر واحد منهم عبداً آخر أن يذهب إلى مولاه برسالته، فإن أضاف الرسول الخبر إلى المرسل، بأن قال: إن فلاناً يقول لك أبشرك بقدوم فلان أو قال فلان أرسلني إليك، ويقول أبشرك بقدوم فلان أعتق المرسل دون الرسول، وإن قال الرسول أبشرك بقدوم فلان وأرسلني فلان إليك عتق الرسول دون المرسل.

رجل قال لعبده أنت حر قبل الفطر والأضحى بشهر، فإنه يعتق في أول رمضان؛ لأن أول رمضان وقت قبل الفطر والأضحى بشهر، وهو نظير ما لو قال لعبده أنت (حرٌّ) قبل موت فلان وفلان بشهر، فمات أحدهما لتمام شهر من وقت هذه المقالة عتق العبد؛ لأن هذا وقت قبل موت فلان وفلان بشهر.

وفي «نوادر» : المعلى عن أبي يوسف رحمه الله رجل (قال) : إن اشتريت فلاناً، فهو حر وادعاه رجل أنه ابنه ثم اشترياه جميعاً، فهو حر، ونصف ولائه للذي حلف بعتقه وهو ابن الذي ادعاه.

وفي «نوادر ابن سماعة» عن أبي يوسف رحمه الله: رجل قال إن اشتريت من هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>