للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القابل وإن نوى استحلافاً فهو استحلاف، ولو قال: والله لتفعلن كذا وكذا غداً فقال الآخر: نعم ولا نية لواحد منهما فالحالف هو المجيب.

نوع آخر في تكرار الاسم ما يكون يميناً واحدة أو يمينين

قال محمد رحمه الله في «الجامع الكبير» إن قال الرجل: والله والرحمن لا أفعل كذا كان يمينين حتى إذا حنث بأن فعل ذلك الفعل كان عليه كفارتان في ظاهر الرواية. وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنها يمين واحدة، والأصل في جنس هذه المسائل أن الحالف بالله تعالى إذا ذكر اسمين وبنى عليهما الحالف فإن كان الاسم الثاني صلح نعتاً للاسم الأول ولم يذكر بينهما حرف العطف كانا يميناً واحدة باتفاق الروايات كلها كما في قوله: والله الرحمن لا أفعل كذا؛ لأن الثاني لما صلح نعتاً للأول لا بد وأن يجعل نعتاً كما في قوله مررت بالزيد الصالح كان الصالح نعتاً للزيد. قلنا والنعت مع المنعوت شيء واحد، وإن كان الاسم الثاني يصلح نعتاً للاسم الأول، وذكر بينهما حرف العطف كانا يمينين في ظاهر الرواية. وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنها يمين واحدة بيانه في قوله: والرحمن والرحيم لا أفعل كذا.

وجه هذه الرواية أن هذه الواو يجوز أن يكون واو العطف فيكون الخبر المذكور للاسم الثاني خبر الأول فيكون يمينين على هذا الاعتبار، ويَجوز (أن يكون) واو القسم لا واو العطف لأن واو القسم غير واو العطف فإن واو القسم مما يبتدأ به وحرف العطف مما لا يبتدأ به، وعلى هذا التقدير يصير تاركاً القسم بالاسم الأول مبتدئاً القسم بالاسم الثاني كأنه قال: والله وسكت، ثم قال: والرحيم لا أفعل كذا فيكون يميناً واحدة وقع الشك في ثبوت ما زاد على اليمين الواحدة فلا تثبت الزيادة بالشك.

وجه ظاهر الرواية أن هذا الواو إذا احتمل أن يكون واو العطف (و) أن يكون واو القسم حمل على واو العطف عند الإطلاق لأن الواو يحتاج إليه للعطف إذ العطف بدونه لا يصح غير محتاج إليه للقسم لأن القسم بدون الواو صحيح فكان جملة ما يحتاج إليه أولى، وإذا حملنا على واو العطف صار الخبر المذكور للاسم الثاني مذكوراً للاسم الأول، فكانا يمينين. هذا إذا كان الاسم الثاني يصلح نعتاً للأول.

فأما إذا كان الاسم الثاني لا يصلح نعتاً للأول إن ذكر بينهما حرف العطف كما في قوله: والله والله لأفعل كذا، كانا يمينين في ظاهر الرواية، وروى ابن سماعة عن محمد أنها يمين واحدة، وهكذا روي عن أبي يوسف في «المنتقى» ، والصحيح ما ذكر في ظاهر الرواية لما قلنا في قوله: والله والرحمن وإن لم يذكر بينهما حرف العطف كانت يميناً واحدة باتفاق الروايات.

هكذا ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في «شرحه الجامع» بيانه في قوله: والله والله ويكون ذكر الاسم الثاني على سبيل التكرار والإعادة للأول.

وفي «المنتقى» إذا قال: والله والله والله لا أفعل كذا. قال محمد رحمه الله فذلك ثلاثة أيمان في القياس بمنزلة قوله: والله والرحمن والرحيم لا أفعل كذا، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>