للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لفظه بخلاف مسألة الطلاق لأن ثمة نوى المجاز من كلامه؛ لأن الحقيقة في إزالة قيد الوثاق أطلقه إطلاقاً أنا في إزالة قيد النكاح طلق يطلق تطليقاً وطلاقاً، فإذا قال: عنيت الطلاق عن قيد الوثاق، فكأنه عنى يطلق أطلق وأنه مجاز، وفي نية المجاز القاضي لا يصدقه إذا كان فيه تحقيقاً لأن المجاز إنما يثبت بالنية والإرادة، والقاضي لا يقف على إرادته إلا بخبره فإذا كان فيه تحقيقاً كان متهماً في خبره فلا يصدقه القاضي هذا المعنى في بيان فيما إذا نوى حقيقة كلامه فإن قال عنيت ما زاد على الثلاث في المسألة الثانية هل يصدق قضاء؟ لم يذكر محمد رحمه الله هذه الفصل وعلى قياس ما ذكر في المسألة الأولى وينبغي أن يصدق لأنه نوى حقيقة كلامه لأن اسم الجمع لما زاد على الثلاث حقيقة. وعلى قول أبي القاسم الصفار ينبغي أن لا يصدق لأن هذه حقيقة لا تثبت إلا بالنية، وإن قال: عنيت الواحدة في المسألة الثانية ينبغي أن يصدقه القاضي في نيته لأن هذا اسم جمع وليس باسم عدد، فإذا نوى الواحدة فقد نوى الخصوص من اسم العام وأنه جائز لغة وشرعاً أكثر ما فيه أنه مجاز إلا أن دعوى المجاز صحيحة قضاء إذا كان فيه تغليطاً وههنا فيما نوى تغليط فجاز أن يصدقه القاضي.

وإذا قال الرجل: لعبيده أيكم حمل هذه الخشبة فهو حر فحملوها جميعاً ينظر إن كانت الخشبة حقيقة يقدر الواحد على حملها لا يعتقون حتى يحملها واحد بعد واحد وإن كانت الخشبة ثقيلة لا يقدر الواحد على حملها وأما يقدر عليها اثنان أو ثلاثة عتقوا هكذا ذكر المسألة في «الجامع» .

والوجه في ذلك: أن الخشبة اسم بجميعها وقد أضاف حملها إلى كل واحد؛ لأن كلمة أي وإن كانت تتناول واحداً منكراً من جملة ما أضيف إليها هذه الكلمة، إلا أنه وصف ذلك المنكر بصفة عامة وهي الحمل أضيف إلى جميع العبيد الذي أضيف إليهم كلمة أي فأوجبت عموم العبيد سواء كانت الخشبة حقيقة صار المنكر موصوفاً بحمل جميع الخشبة أو بحمل بعضها، فنقول: إذا كانت الخشبة حقيقة لأن العمل حقيقة اسم الخشبة ممكن بأن يجعل شرط العتق في حق كل واحد حمل جميع الخشبة أو يتأتى ذلك من كل واحد وإذا اختار حمل جميع الخشبة شرطاً في حق كل واحد فإذا حملوها حملة لم يوجد الشرط بكماله في حق كل واحد فلا يعتقون.

وهو نظير ما إذا قال لعبيده: أيكم أكل هذا الرغيف فهو حر فأكله اثنان أو أكثر من ذلك لا يعتق واحد منهم سواء كان يقدر الواحد على أكله بدفعة واحدة أو بدفعتين أو بدفعات؛ لأن أكل الرغيف من كل واحد متصور إما بدفعة واحدة أو بدفعات وصار الداخل تحت كلمة أي موصوفاً بأكل جميع الرغيف فإذا أكله اثنان أو ثلاثة لم يوجد من كل واحد أكل جميع الرغيف لا يحنث ذكر مسألة الرغيف في «الجامع» على هذا الوجه.

وذكر في «الأصل» إذا قال لنسائه: أيتكن أكلت من هذا الطعام شيئاً فهي طالق، فأكلن جميعاً طلقن ولو قال: أيتكن أكلت هذا الطعام ولم يقل من الطعام هذا فأكلن ينظر إن كان الطعام كثيراً بحيث لا يقدر الواحد على أكله طلقن، وإن كان الطعام قليلاً بحيث

<<  <  ج: ص:  >  >>