للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنهما أنه لم يرَ بأساً بالعلم في الثوب قدر أربعة أصابع؛ قال: لأن العلم يكون تابعاً للثوب، فلا يكون لابساً له.

وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد: إذا لبس قميصه حريراً، أو عروة أو إزراراً لم يكن عندي بذلك بأس، وهو كالعلم يكون في الثوب، ومعه غيره (فلا) بأس به، وإن كان وحده كرهه، وأكره تكة الحرير؛ لأنها تلبس وحدها؛ وهذا لأنه إذا كان مع غيره فاللبس لا يكون مضافاً إليه؛ بل يكون هو تبعاً في اللبس، والمحرم لبس الحرير.

وفي شرح «الجامع الصغير» لبعض المشايخ؛ لا بأس بتكة الحرير للرجل عند أبي حنيفة رضي الله عنه، وذكر الصدر الشهيد رحمه الله في أيمان «الواقعات» أنه يكره عند أبي يوسف ومحمد، وفي حاشية شرح «الجامع الصغير» للصدر الشهيد مكتوب بخطه أن في تكة الحرير اختلاف بين أصحابنا.

ويكره لبس الثوب المعصفر للرجال، روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس المعصفر وقال: «إياكم والحمرة فإنها زي الشيطان» ، وفي «المنتقى» : وكان أبو حنيفة رضي الله عنه يكره للرجال أن يلبسوا الثوب المصبغ بالمعصفر أو بالورس أو بالزعفران للأثر الوارد فيه، وذكر هشام عن محمد أنه لم يرَ باللباس المرتفع جداً بأساً، وكذا لم يرَ باللبد الأحمر للسرج بأساً.

وفي «مجموع النوازل» وسئل عن الزينة والتجمل في الدنيا، قال: خرج رسول الله عليه السلام ذات يوم وعليه رداء قيمته ألف درهم، وربما قام إلى الصلاة وعليه رداء قيمته أربعة آلاف درهم، ودخل عليه رجل يوماً من أصحابه وعليه خز، فقال عليه السلام: «إن الله تعالى إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى آثار نعمته عليه» وأبو حنيفة رضي الله عنه كان يرتدي رداء قيمته أربع مائة دينار، وأباح الله تعالى الزينة لقوله: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده} (الأعراف: ٣٢) ، وكان أبو حنيفة رضي الله عنه يقول لنا بكوفة: إذا رجعتم إلى أوطانكم فعليكم بالثياب النفيسة، وإياكم والثياب الخسيسة فإن الناس ينظرون إليكم بعين الرحمة، فهو مع زهادته وورعه كان يوصيهم بهذا.

ومحمد بن الحسن رحمه الله كان يلبس الثياب النفيسة، فقيل له في ذلك، فقال: لي نساء وجوار فأزين نفسي كيلا ينظرون إلى غيري، ومحمد بن الحسن كان يتعمم بعمامة سوداء، فدخلت عليه يوماً مستغنية وقفت متحيرة تنظر في وجهه، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أتعجب من بياض وجهك تحت سواد عمامتك، فوضعها عن رأسه ولم يتعمم بعمامة سوداء بعد ذلك.

قيل للشيخ: أليس روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يلبس قميصاً عليه كذا كذا

<<  <  ج: ص:  >  >>