للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه كالعلم، والقليل من لبسه نحو الافتراش ليكون نموذجاً لذلك الكثير الكامل، فأما الفضة فليس منها في دار الآخرة لباس، وإنما يكون منه الكرسي والسرير وما أشبه ذلك، فلو أطلقنا ذلك في الدنيا لصار عين الموعود في دار الآخرة مطلقاً، وعين الموعود لا يصلح نموذجاً، فصار هذا نظير لبس الحرير الخالص، ولبس الحرير الخالص حرام، فكذلك الجلوس على الكرسي من الفضة، وصار لبس الفضة مثل افتراش الحرير.

وفي «المنتقى» : روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه كان يكره أن يستجمر بمجمر ذهب أو فضة، كما هو قول أبي يوسف، ولا خير في أن يكتحل بمكحلة من فضة، أو بميل من ذهب أو فضة وكذا المرآة......، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: لا بأس بحلقة المرأة من الفضة إذا كانت المرآة حريراً، وقال أبو يوسف: لا خير فيه، وذكر الحاكم في «المنتقى» : لا خير في أن يلبس الرجل ثوباً فيه كتابة بذهب أو فضة ولم يذكر أنه قول....، وذكر «القدوري» : أنه قول أبي يوسف قال: وعلى قياس قول أبي حنيفة رضي الله عنه؛ لا يكره، وأما المرأة فلا بأس بأن تلبسه.

وفي «الجامع الصغير» : لا يتختم إلا بالفضة؛ هذا اللفظ بظاهره يقتضي أن التختم بالذهب والحديد والصفر، والشبة وما أشبه ذلك حرام على الرجال؛ أما التختم بالذهب فحرمته على الرجال مذهب عامة العلماء، وقال بعض: لا بأس به لحديث البراء بن عازب أنه لبس خاتم ذهب، وقال: كسانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى ابن طلحة بن عبد الله قد قيل: وعليه خاتم ذهب، وقاس التختم بالذهب على التختم بالفضة، وإنه حلال بلا خلاف.

وجه قول عامة العلماء حديث علي، وعبد الله بن مسعود، وأبي هريرة رضي الله عنهم أن رسول الله عليه السلام نهى عن ذلك، وقوله عليه السلام: «هذان حرامان على ذكور أمتي حلال لإناثها» . وحديث البراء بن عازب محمول على ما قبل النهي الدليل عليه ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ذهب، فاتخذ الناس خواتم ذهب، ثم رماه رسول الله عليه السلام وقال: «لا ألبسه» فرماه الناس، وحديث طلحة معارض لحديث علي، وابن مسعود، وأبي هريرة.

وقياس التختم بالذهب على التختم بالفضة قياس فاسد؛ لأن جواز التختم بالفضة عرف بالحديث، فإنه روي أن رسول الله عليه السلام بعدما رمى بخاتم الذهب اتخذ خاتماً من الفضة، وفي الذهب نص بخلافه، ونوع من المعنى يدل على التزين، فإن التختم بالفضة إنما جاز للحاجة إلى الختم أو ليكون نموذجاً، والحاجة تندفع بالفضة، فيبقى الذهب على أصل الحرمة.

فأما التختم بالحديد والرصاص والصفر والشبة فهو حرام على النساء والرجال

<<  <  ج: ص:  >  >>