للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أن مريضاً أشار إليه الطبيب بشرب الخمر؛ روي عن جماعة من أئمة بلخ: أنه ينظر إن كان يعلم يقيناً أنه يصح حل له التناول، وقال الفقيه عبد الملك حاكياً عن أستاذه: أنه لا يحل له التناول.

وفي «النوازل» : رجل أدخل مرارة في إصبعه للتداوي قال أبو حنيفة رضي الله عنه: يكره، وقال أبو يوسف: لا يكره، والفقيه أبو الليث أخذ بقول أبي يوسف لمكان الحاجة، وفيه أيضاً: العجين إذا وضع على الجرح إن عرف به الشفاء فلا بأس به، لأنه يكون دواء حينئذٍ. وإذا سال الدم من أنف إنسان، فكتب فاتحة الكتاب على جبهته بالدم وكتب بالبول، فقد ذكرنا قبل هذا في فصل القرآن.

جئنا إلى مسائل العزل، وتفسيره: أن يطأ الرجل امرأته أو أمته (٩٦أ٢) فيعزل عنها قبل أن يقع الماء في الرحم مخافة الحبل، فنقول: اختلف أصحاب رسول الله عليه السلام في العزل، فعلي رضي الله عنه يكره ذلك، وابن عباس وابن عمر وابن مسعود رضي الله عنهم كانوا لا يكرهون ذلك، إلا أن علماءنا رحمهم الله قالوا في المرأة المنكوحة: يشترط رضا المولى عند أبي حنيفة رضي الله عنه، وعندهما يشترط رضا الأمة، وفي الأمة المملوكة لا يشترط رضاها بلا خلاف، والمسألة على هذا الوجه مذكورة في «الجامع الصغير» ، وفي «فتاوى أهل سمرقند:» أنه إذا عزل خوفاً من الولد السوء لفساد هذا الزمان فهو جائز من غير رضا المرأة.

وبعدما وصل الماء إلى رحمها إذا أرادت الإلقاء هل يباح لها ذلك: إن أرادت ذلك بعد مضي مدة ينفخ فيه الروح، فليس لها ذلك؛ لأنها تصير قاتلة؛ فإنه اعتبر هنا على غلبة الظاهر، فلا يحل لها كما بعد الانفصال، وإن أرادت الإلقاء قبل مضي مدة ينفخ فيه الروح؛ اختلف المشايخ فيه؛ قال بعضهم: يحل لها ذلك؛ لأن قبل مضي المدة التي ينفخ فيه الروح لا حكم لها، فهذا والعزل سواء.

وفي «فتاوى أهل سمرقند» : إذا أرادت إسقاط الولد فلها ذلك إذا لم يستبن شيء من خلقه؛ لأن ما لا يستبين شيء من خلقه لا يكون ولداً، وكان الفقيه علي بن موسى القمي يقول: يكره لها ذلك، وكان يقول: مآل الماء بعدما وصل إلى الرحم الحياة، فإنه لا يحتاج إلى صنع أحد بعد ذلك، لينفخ فيه الروح، وإذا كان مآل الحياة للحال كما في بيضة الحرم لما كان مآلها أن تصير صيداً يعطى لها حكم الصيد حتى إن من أتلف بيضة صيد الحرم ضمن بخلاف العزل؛ لأن الماء قبل أن يصل إلى الرحم ليس مآله الحياة، فإنه يحتاج إلى صنع بعد ذلك لينفخ فيه الروح، وهو الإلقاء في الرحم، أما هنا بخلافه.

وفي نكاح «فتاوى أهل سمرقند» : امرأة مرضعة ظهر بها حبل وانقطع لبنها، وتخاف على ولدها الهلاك، وليس لأب هذا الولد سعة حتى يستأجر الظئر، هل يباح لها أن تعالج في إسقاط الولد؟ قالوا: يباح ما دام نطفة، أو علقة، أو مضغة لم يخلق له عضو؛ لأنه ليس بآدمي.... بالأم؛ ذكرت في «الواقعات» المرتبة في الباب الثالث من

<<  <  ج: ص:  >  >>