للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قال الغاصب: قد ماتت الجارية، أو بعتها، ولا أقدر عليها إن صدقه المغصوب منه في ذلك خلي سبيله، وقضي عليه بالقيمة إن أراد المغصوب منه فإن كذبه يحبس، وينظر ويتلوم، فإذا مضى مدة يقع في غالب رأي القاضي أنه لو كان قادراً لما تحمل مرارة الحبس إلى مثل هذه المدة، فالقاضي يخلي سبيله.

قال شمس الأئمة: وهذا التلوم إذا لم يرض المغصوب منه بالقيمة، فإن لم يعرف منه الرضا ومضت هذه المدة فالقاضي يخلي سبيل المدعى عليه بعد هذا القاضي يقول للمغصوب منه: إذا تريد ضمان القيمة أو التلوم إلى أن تظهر الجارية؛ إن قال: ضمان القيمة إن اتفقا على القيمة قضى بتلك البينة، وإن لم يكن، فالقول قول الغاصب مع يمينه، ويحلف بالله ما قيمته إلا عشرين درهماً ذكر هذه الكيفية في غصب «الأصل» قبل مسألة الخلط، فإذا حلف وأدى القيمة، ثم ظهرت الجارية؛ كان للمالك الخيار؛ إن شاء رضي بالقيمة التي أخذها، وإن شاء ردها، وأخذ الجارية؛ قال شيخ الإسلام: قال بعض مشايخنا: إذا كان المأخوذ مثل قيمته أو أكثر؛ لا يكون للمالك الخيار في استرداد الجارية، وذكر شمس الأئمة السرخسي أن هذا القائل هو الكرخي؛ قال شمس الأئمة هذا: والصحيح أن للمالك الخيار على كل حال.

وإليه أشار في «الكتاب» حيث أطلق الجواب إطلاقاً، وذكر شمس الأئمة الحلواني: إذا ظهر أن قيمتها (١١٩أ٢) مثل ما قال الغاصب..... الجواب فيه؛ قال في موضع: لا خيار للمولى، ولا سبيل له عليها، وقال في موضع آخر: له الخيار، وإن كان ما أخذ أضعاف قيمتها؛ قال شمس الأئمة هذا: والقول الأول أشبه.

ولو ادعى الغصب وجاء بشاهدين شهد أحدهما على الغصب، وشهد الآخر على إقرار الغاصب بالغصب؛ لا تقبل الشهادة، وهذا بخلاف ما لو شهد أحدهما بالبيع، وشهد الآخر على الإقرار بالبيع حيث تقبل الشهادة، ولو شهد أحد الشاهدين له بالملك، وشهد الآخر على إقرار الغاصب له بالملك؛ لا تقبل الشهادة؛ لأن المشهود به مختلف؛ لأن الملك المطلق الثابت بالشهادة غير الملك المطلق الثابت بالإقرار حتى يستحق بالأول الزوائد المنفصلة دون الثاني.

وإذا ادعى جارية في يدي رجل أنها جاريته غصبها هذا منه، وشهد أحد الشاهدين بذلك، وشهد الآخر أنها جاريته غصبها هذا منه؛ تقبل الشهادة؛ لأنهما اتفقا على الملك، وتفرد أحدهما بالزيادة فتقبل الشهادة على ما اتفقا عليه.

ادعى جارية في يدي رجل أنها له غصبها صاحب اليد منه، ولم يشهد شهود المدعي بالغصب، وإنما شهدوا له بالملك، فأراد القاضي أن يقضي بالجارية للذي أقام البينة هل يحلفه بالله ما بعت، ولا أديت له فيه؟ قال: لا، إلا أن يدعي صاحب اليد شيئاً من ذلك، وعن أبي يوسف إنه عدم، وإن لم يطلب الخصم، فيكون أحكم للقضاء وأبرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>