للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن المال الذي في يديه من شركتهما، وفي هذين الوجهين تقبل بينته، وقضي بالمال بينهما نصفان وهذا ظاهر.

وإما أن يشهدوا أنه مفاوضة، وأن المال للذي في يده في هذا الوجه يقضى بالمال بينهما نصفان سواء شهدوا بذلك مجلس الدعوى، أو بعدما تفرقا عن مجلس الدعوى، إن شهدوا في مجلس الدعوى، فظاهر؛ لأنه ثبتت المعاوضة بشهادتهما، وثبت كون المال في يد الجاحد حال قيام المفاوضة بالمعاينة؛ وهذا لأن المعاوضة، وإن انفسخت بإنكار المدعى عليه؛ إلا أن المال كان في يده قبل الإنكار، وقبل الإنكار الحال حال قيام المفاوضة، وما في يد أحد المتفاوضين حال قيام المفاوضة يكون بينهما نصفان قضية بعقد المفاوضة، وهو التساوي وأما إذا شهدوا بعد الافتراق عن مجلس الدعوى؛ فلأن معنى قولهم: وإن المال في يده حال قيام المفاوضة لا للحال؛ لأن اليد للحال قائمة باقية معاينة لا حاجة إلى إثباتها بالشهادة، وإذا كان معنى قولهم، وإن المال في يده باطناً ثبتت المفاوضة، ويكون المال في يده حال قيام المفاوضة بالشهادة، وما في يد أحد المفاوضين حال قيام المفاوضة يكون بينهما، وأما إذا شهدوا أنه مفاوضة، فلم يزيدوا على هذا في هذا الوجه.

ذكر شمس الأئمة السرخسي في «شرحه» : أنه تقبل بينته، ويقضى بالمال بينهما، وإليه أشار محمد في «الكتاب» بعد هذه المسألة، وذكر شيخ الإسلام: أنهم إن شهدوا في مجلس الدعوى تقبل الشهادة، وقضي بالمال بينهما نصفان؛ لأنه يثبت بهذه الشهادة بالمفاوضة دعوى كون المال في يده حال قيام المفاوضة بالمعاينة، وإن شهدوا بعدما تفرقا عن مجلس الدعوى لا يقضى بالمال بينهما ما لم يشهدوا أنه بينهما نصفان، أو يشهدوا أنه من شركتهما، أو بعد الحال أن المال كان في يده يومئذٍ، أو شهد الشهود بذلك؛ وهذا لأن المناصفة لو ثبتت ههنا إنما تثبت إذا ثبت كون المال في يد الجاحد حال قيام المفاوضة لا الشهادة؛ لأن الشهود لم يتعرضوا للمال، ولم يثبت كون المال في يده حال قيام المفاوضة إذا شهدوا بعدما تفرقا عن مجلس الدعوى، لجواز أنه استفاد المال بعدما تفرقا عن مجلس الدعوى.

بخلاف ما لو شهدوا بذلك في مجلس الدعوى؛ لأنه ثبت كون المال في يده حال قيام المفاوضة بالمعاينة؛ لأن المفاوضة إنما انفسخت بالإنكار، وقد عاينا المال في يده قبل الإنكار به.

إذا قضى القاضي بينهما بالمال نصفين؛ ادعى الذي كان في يده المال ما في يده لنفسه ميراثاً أو هبة، أو صدقة من جهة غير المدعي فهذه المسألة على وجوه.

إن كان شهود مدعي المفاوضة شهدوا أنه مفاوضة، فإن المال الذي في يديه بينهما نصفان، أو شهدوا أنه مفاوضة، وأن المال الذي (في يديه) من شركتهما، وفي هذين الوجهين لا تسمع دعواه، ولا تقبل بينته؛ لأنه صار مقضياً عليه بالمناصفة بالبينة، والمقضي عليه بالبينة إذا ادعى المقضي به لنفسه ملكاً مطلقاً الساعي من جهة غير

<<  <  ج: ص:  >  >>