للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (إن) لم يشترط الواقف الولاية لأحد وحضره الموت فقال لرجل: أنت وصيي، ولم يزد على هذا فهو وصي في ماله وولده وفيما كان في يده من الوقوف؛ لأنه أطلق الوصاية ولم يخص، ولو أوصي إليه في الوقف خاصة قال محمد: هو وصي في الوقف خاصة على قولنا وقول أبي يوسف، وعلى قول أبي حنيفة: هو وصي في الأشياء كلها، هكذا ذكر هلال، والمشهور أن على قول أبي حنيفة وأبي يوسف: هو وصي في الأشياء كلها، وعلى قول محمد: هو وصي فيما خص له، وما ذكر هلال فذاك جواب «النوادر» وهو المذكور في «مختصر الكرخي» ، فأما في «ظاهر الرواية» : فقول أبي يوسف كقول أبي حنيفة، وجه قول محمد: أن الوصي يتصرف بحكم التفويض، فإنما تصرف بقدر ما فوض إليه، ولأبي حنيفة وأبي يوسف: أن تصرف الوصي ليس بحكم التفويض، ألا ترى أنه لو أوصى إليه ولم يبين مقصوده صح؟ ولو كان تصرفه بحكم التفويض يشترط بيان مقصوده كما في التوكيل، ولكن الموصى به خلافه، وأقامه الموصي مقام الموصى والخلف يعمل الأصل على العموم كالجد لما كان خلفاً عن الأب قائماً مقامه عمل على العموم، وعلى هذا لو أوصى إلى رجل في الوقف، وأوصى إلى آخر في ولده أو أوصى إلى رجل في وقف نفسه وأوصى إلى آخر في وقف آخر بعينه كانا وصيين فيهما جميعاً وسيأتي جنس هذه المسائل في كتاب الوصايا.

ولو وقف أرضه وجعل ولايتها إلى رجل، ذكر هلال عن محمد: أن الوصي يشارك القيم في أمر الوقف فكأنه جعل ولاية الوقف إليهما، فالأصل عند محمد هو قول هلال وإحدى الروايتين عن أبي يوسف: أن الخاص لا يشارك العام فيما وراء ما خص به والعام يشارك الخاص فيما يخصه وهو مقدر فيما وراءه، وعند أبي حنيفة، وأظهر الروايات عن أبي يوسف الوصاية لا تقبل التخصيص، فالعام والخاص فيه سواء.

ولو جعل ولاية الوقف بعد وفاته إلى رجلين أحدهما (قبل) ذلك ولم يقبل الآخر، فينبغي للقاضي أن يجعل مع الذي حل رجلاً يقوم مقام الذي لم يقبل، فإن كان الذي حل موضعاً لذلك عند القاضي ووضع ذلك القاضي إليه فهو جائز.

ولو قال الواقف: ولاية هذا الوقف إلى الأفضل فالأفضل من ولدي وإذا فضل القبول فالقياس: أن يقيم القاضي غير الأفضل مقام الأفضل مادام الأفضل حياً، فإذا مات الأفضل صرف الولاية إلى من يليه في الفضل، وفي الاستحسان: الولاية لمن يليه في الفضل؛ لأن إباء الأفضل بمنزلة موته، ولو ولى القاضي أفضلهم ثم صار في ولده من هو أفضل منه، فالولاية إليه اعتباراً لشرط الواقف، وإذا استوى الاثنان في الصلاح، فالأعلم بأمر الوقف أولى، ولو كان أحدهما أميناً ورعاً وصالحاً، والآخر أعلم بأمر الوقف فالأعلم أولى بعد أن يكون بحال يؤمن خيانته.

ولو جعل الولاية إلى عبد الله حتى يقدم زيد فهو كما قال، فإذا قدم زيد فكلاهما واليان عند أبي حنيفة؛ لأنه لم يحجر على عبد الله بعد وقد قدم زيد، وعلى قول هلال: تحولت الولاية إلى زيد ولا يبقى عبد الله والياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>