للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا على وجهين:

أما إن انهدم بعضها وفي هذا الوجه الذين كانوا فيها أحق من غيرهم؛ لأن سكناهم باقي، وكذلك إذا لم ينهدم أصلاً كان زيد فيه أو نقص عنه فالذين كانوا فيها أحق من غيرهم لما ذكرنا، وأما إن انهدم كلها وفي هذا الوجه الذين كانوا فيها وغيرهم في السكنى على السواء، لان سكناهم قد بطل وهذا ابتداء السكنى.

وفيه أيضاً: رجل جعل قطعة أرضه مقبرة ودفنوا فيها، ثم أن رجلاً من أهل تلك القرية بنى فيها بناء لوضع اللبن وأدّاه الغير واحتبس فيه رجلاً يحفظ المتاع بغير رضا الباقين من أهل القرية فهذا على وجهين: إن كان في أرض المقبرة سعة لا يحتاج إلى ذلك المكان اليوم لا بأس به، وإن لم يكن في أرض المقبرة سعة واحتاجوا إلى ذلك المكان اليوم يرفع البناء ويدفن، فيه أيضاً: رجل أوصى بأن يخرج ثلث ماله فيعطي ربع الثلث لفلان وثلاثة أرباعه لأقربائه وللفقراء ثم قالوا: لا يتركوا حظ الرباطيين وهم فقراء يسكنون في رباط بعينه، فهذا على وجهين:

f

إن كان قرابته؛ يجعل كل واحد منهم جزؤاً ويجعل الفقراء جزؤاً ويجعل للرباطيين جزؤاً حتى لو كان قرابته عشرة أسهم للقرابة وسهم للرباطيين؛ لأن القرابة إذا كانوا يحصون كانت الوصية لهم بأعيانهم، وإن كانت قرابته لا يحصون جعل ثلاثة الأرباع على ثلاثة أسهم؛ سهم للقرابة، وسهم للفقراء، وسهم للرباطيين؛ لأن القرابة إذا كانوا لا يحصون كانوا بمنزلة الفقراء.

قال هلال في وقفه: إذا اشترى الرجل موضعاً وجعله طريقاً للمسلمين وأشهد عليه فإنه يصح ويشترط لتمامه مرور واحد من المسلمين على قول من يشترط التسليم في الأوقاف، وعلى قول أبي حنيفة: لا يصح ويكون له حق الرجوع، وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة: أنه لا رجوع في المقبرة في الموضع الذي دفن؛ لأنه يؤدي إلى نبش الميت، وأنه صحيح وله الرجوع فيما بقي.

وحكي عن الحاكم الملقب بالمهرون إن قال وحدث في «النوادر» عن أبي حنيفة رحمه الله: أنه أجازوا وقف المقبرة والطريق، فهذه الرواية استفيدت من جهته، قال هلال: وكذلك القنطرة ينظرون فيها، لا يكون بناؤها ميراثاً للورثة وصار وقفاً، فقد خص بناء القنطرة الميراث فيها، وهذا يدل على أن موضع بناء القنطرة لم يكن ملكاً للثاني وهذا هو الظاهر، فإن الإنسان إنما يحتسب بناء القنطرة على نهر العامة، فتدل هذه الرواية على جواز وقف البناء دون أصل البقعة وقد ذكرنا الكلام فيه فيما تقدم، مقبرة كانت للمشركين أرادوا أن يجعلوها مقبرة للمسلمين فهذا على وجهين:

إن كانت آثارهم فقد اندرست فلا بأس بذلك، وإن بقي آثارهم بأن بقي شيء من عظامهم فإنه ينبش ويقبر ثم يجعل مقبرة للمسلمين، ألا ترى أن موضع مسجد رسول الله عليه السلام كان مقبرة للمشركين فتبقى والحد مسجداً. رجل له دار أراد أن يجعلها رباطاً للمسليمن ويبيعها ويتصدق بثمنها أو يبيعها عبداً فيعتقه أيُّ ذلك أفضل؟ حكي عن عليّ بن أحمد رحمه الله: إن جعلها رباطاً أفضل؛ لأن منفعة الرباط أدوم. قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: إن جعلها رباطاً وجعل لها وقفاً لعمارتها فجعلها رباطاً أفضل، وإن لم يجعل

<<  <  ج: ص:  >  >>