للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي «العيون» عن محمد رجل ساوم رجلاً فقال البائع: أبيعه بخمسة عشر وقال المشتري: لا آخذه إلا بعشرة، فإن كان الثوب بيد المشتري حين ساومه فهو بخمسة عشر لما ذهب به، وإن كان الثوب في يد البائع وقت المساومة فدفعه إلى المشتري فهو بعشرة؛ لأن البائع رضي بعشرة لما دفع الثوب إلى المشتري، وعنه أيضاً: رجل ساوم رجلاً بثوب فأخذه على المساومة أو دفعه إليه وهو يساومه وقال: هو بعشرة فذهب به المشتري، قال: هو على الثمن الذي قاله البائع يرده عليه أن يقول المشتري: لا آخذه إلا بتسعة لا أرضى إلا بتسعة، وعن أبي يوسف رجل أخذ ثوباً من رجل فقال البائع بعشرين، وقال المشتري: لا أزيدك على عشرة فذهب بالثوب وضاع فهو بعشرين.

وفي «الواقعات» رجل قال لآخر: بكم هذا الثوب فقال: بعشرين فقال المشتري: لا أريده بعشرين، فذهب ثم جاء وأخذ الثوب وذهب به فهو بعشرين؛ لأنه رضي به وأخذ من الرجل ثوباً، وقال: اذهب به، فإن رضيته اشتريته فذهب به وضاع الثوب فلا شيء عليه، ولو قال: إن رضيت أخذته بعشرة فضاع فهو ضامن قيمته بناء على أن المقبوض على سوم الشراء إنما يكون مضموناً إذا كان الثمن مسمى. عن أبي يوسف في رجل ساوم رجلاً بثوب فقال صاحب الثوب: هو بعشرة فقال المساوم: هاته حتى أنظر إليه فدفعه إليه على ذلك فضاع لم يلزمه شيء علل فقال: لأنه أخذ على النظر، أشار إلى أنه ليس بمقبوض على سوم الشراء، إن أخذه على غير النظر ثم قال: انظر إليه فضاع لم يخرجه قوله انظر إليه عن الضمان، وهو على ما أخذه عليه أول مرة. هكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله أيضاً.

وصورة ما روي عنه: رجل قال لغيره: هذا الثوب لك بعشرة فقال ذلك الرجل: هاته حتى أنظر إليه، فأخذه على هذا فضاع منه فلا شيء عليه، ولو قال: هاته، فإن رضيته أخذته فضاع فهو على ذلك الثمن، رجل قال لغيره: إن الناس يشرون كرمك هذا بألفي درهم فلم لا تبيعه فقال له صاحب الكرم: بعته منك بألف درهم فقال المشتري: اشتريته بها صح البيع إن لم يكن على طريق الهزل، وإن اختلفا فالقول قول البائع أنه أراد به الهزل بأن يكون قوله بعت بألف درهم رد الكلام ذلك الرجل، وإن كان المشتري أعطاه شيئاً من الثمن وأخذه ثم ادعى الهزل لا تسمع دعواه بعد ذلك؛ لأن قبض الثمن علامة الجد، وينعقد البيع بلفظ السلم بالإتفاق، وفي انعقاد السلم بلفظ البيع روايتان وسيأتي بيان ذلك في موضعه.

وينعقد البيع بالتعاطي بدون لفظة الإيجاب والقبول، على هذا اتفقت الروايات، والأصل فيه عرف الناس وعاداتهم. وصورة ذلك ما مر قبل هذا: رجل قال لقصاب: بكم يعطي من هذا اللحم بدرهم؟ فقال منوين فقال الرجل: زن منوين فوزن ودفع الرجل درهماً إلى القصاب وذهب باللحم فهذا بيع، وإن لم يتلفظا بلفظة البيع والشراء.

وذكر في «النوازل» : وضع فلساً عند بقال وأخذ رمانة برضاه ولم يتكلما شيئاً فهذا بيع ثم اختلف المشايخ فيما بينهم، بعضهم قالوا: إنما ينعقد البيع بالتعاطي في الأشياء

<<  <  ج: ص:  >  >>