للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخسيسة نحو البقل والرمانة والخبز وأشباه ذلك، وهكذا ذكر الكرخي في كتابه وعامتهم على أنه ينعقد في جميع الأشياء الخسيسة والنفيسة في ذلك على السواء، وفي الكتاب مسائل تدل على هذا القول وهو الصحيح، واختلف المشايخ أن الشرط في بيع التعاطي: الإعطاء من الجانبين، أو الإعطاء من أحد الجانبين يكفي، وأشار محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : أن تسليم المبيع يكفي، وفي مسائل الوكيل مسألتان: أحدهما: تدل على أنه يشترط الإعطاء من الجانبين، والأخرى: تدل على أن الإعطاء من أحد الجانبين يكفي، وستأتي صورتهما في موضعهما، وسيأتي في فصل الإقالة نص أن الشرط هو الإعطاء من الجانبين، وكان الشيخ الإمام شمس الحلواني يشترط الإعطاء من الجانبين وكان يقول: إذا وجد قبض البدلين في المجلس ينعقد البيع بالتعاطي ومالا فلا، وبعض مشايخنا اكتفوا بالإعطاء من أحد الجانبين وهذا القائل شرط بيان الثمن لانعقاد هذا البيع بتسليم البيع، وهكذا حكى فتوى الشيخ الإمام أبو الفضل الكرماني.٦

وفي «المنتقى» : رجل ساوم رجلاً بشيء أراد شراءه منه ولم يكن معه وعاء يأخذه منه، ثم جاء بالوعاء بعد ذلك وأعطاه الدراهم فهذا جائز، فقد حكم بجواز البيع بإعطاء الدراهم، فهذا يدل على انعقاد البيع بالتعاطي من أحد الجانبين، وعن أبي يوسف في رجل قال لغيره: كيف بيع الحنطة؟ فقال كل قفيز بدرهم فقال كل لي خمسة أقفزة فكال فذهب بها، قال: هذا بيع وعليه خمسة دراهم، وهذه المسألة دليل على انعقاد البيع بالإعطاء من أحد الجانبين أيضاً.

وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد: إذا قال للقصاب: زن لي ما عندك من اللحم أو قال: زن لي من هذا الجنب أو قال من هذا الرجل على حساب ثلاثة أرطال بدرهم، فوزن له فلا خيار له، وفي «المجرد» عن أبي حنيفة إذا قال للحام: كيف بيع اللحم؟ قال: كل ثلاثة أرطال بدرهم فقال: قد أخذت منك زن لي، ثم بدا للحام أن لا يزن، فقبل قبض المشتري كان لكل واحد الرجوع، فإن قبضه المشتري أو جعله البائع في وعاء المشتري بأمره تم البيع وعليه درهم. وهذه المسألة دليل أيضاً (٣٦ب٣) على انعقاد البيع بإعطاء من أحد الجانبين.

وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد: إذا قطع القصاب اللحم ووزن والمشتري ينظر أن يقبض له ذلك حتى يقول: رضيت أو يقبض. رجل اشترى وقرين من آخر بثمانية دراهم ثم قال البائع: أنت تؤمر آخر بهذا الثمن والغد ههنا، فجاء البائع بوقر آخر والعين في ذلك الموضع فهذا بيع، وله أن يطالب الأخر بثمانية دراهم.

ومما يتصل بهذا الفصل معرفة المبيع والثمن؛ لأن البيع لا بد له من المبيع والثمن. قال القدوري في كتابه: ما يتعين بالعقد فهو مبيع، وما لا يتعين فهو ثمن إلا أن يقع عليه لفظ البيع ثم قال: الدراهم والدنانير أثمان أبداً؛ لأنها في الأصل خلقت ثمن الأشياء وقيمتها قال الله تعالى: {وشروه بثمن بخس دراهم معدودة} (يوسف: ٢٠) عين الثمن بالدراهم، وقال القدوري في «كتابه» الثمن: ما يكون في الذمة والدراهم والدنانير لا يتعينان في عقود المعاوضات على أصلنا، وإنما ينعقد على مثلها ديناً في الذمة، فجعلوا

<<  <  ج: ص:  >  >>