للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمن الجارية خمسون ديناراً وثمن العبد كذلك وقد سلمت الجارية للمشتري فلزمه ثمنها ويرد العبد على البائع بحصته من الثمن وذلك خمسون ديناراً.

وعند محمد يتحالفان في الكل، فإن نكل المشتري رجع بخمسين ديناراً، وإن نكل البائع رجع المشتري بثلثي المائة وإن حلفا فسخ القاضي العقد بينهما في الجارية على القيمة فيرد المشتري قيمة الجارية ورجع على البائع بجميع المائة؛ لأن العقد انفسخ في الكل في الجارية بالتحالف وفي العبد بالرد، وكذلك لو لم يجد بالعبد عيباً لكن استحق العبد كان الجواب في استحقاق العبد ما هو الجواب في الرد بالعيب.

قال محمد رحمه الله في «الجامع» أيضاً: رجل اشترى عبدين أحدهما بألف حالة والآخر بألف إلى سنة في صفقة أو صفقتين فوجد بأحدهما (عيباً) فرده، ثم اختلفا فقال البائع: رددت علي الذي كان ثمنه مؤجلاً وبقي عبدك الذي كان ثمنه حالاً فعليك أداء ثمنه، وقال المشتري: رددت عليك الذي كان ثمنه حالاً فالقول قول البائع سواء كان الباقي قائماً في يد المشتري أو مستهلكاً؛ لأن الأجل يستفاد من جهة البائع وما يستفاد من جهة إنسان كان القول قوله في بيانه؛ ولأن اختلافهما في المردود غير معتبر في ثمن المردود؛ لأن ثمن المردود سقط بالرد أي شيء كان، وإنما اعتبر في ثمن ما بقي في يد المشتري فالمشتري يدعي أنه اشتراه بألف مؤجلاً والبائع يدعي أنه اشتراه بألف حالة.

والأصل: أن المتبايعين متى اختلفا في الأجل في الثمن وحلوله كان القول قول من يدعي الحلول؛ لأن من يدعي الحلول يتمسك بالأصل؛ لأن الحلول في الديون أصل؛ لأنه ثبت من غير شرط والأجل عارض والقول قول من يدعي الأصل، ولا يتحالفان؛ لأن الاختلاف وقع فيما ليس من نفس العقد وهو الأجل وجريان التحالف عرف بالنص فيما إذا كان الاختلاف واقعاً في نفس العقد ولم يوجد.

وكذلك لو كان أحدهما حبشياً والآخر سندياً وقد اشترى الحبشي بألف درهم مؤجلة واشترى الهندي بألف درهم حالة، ثم رد أحدهما، ماتا جميعاً وقد اختلفا على ما قلنا في المسألة الأولى كان القول قول البائع لما مر، وشرط في هذه المسألة موت العبد ولم يشترط في المسالة الأولى؛ لأن في هذه المسألة لو كان أحدهما أمكن للقاضي معرفة صدق أحدهما وكذب الآخر بأن ينظر في لون الباقي فيعرف أنه حبشي أو سندي، وإذا عرف الباقي يعرف الآخر ضرورة، وهذا المعنى لا يتأتي في المسألة الأولى فلهذا لم يشترط موتهما في المسألة الأولى.

ولو كان الثمنان مختلفين بأن كان ثمن أحدهما بعينه ألف درهم وثمن الآخر بعينه مائة دينار فرد أحدهما بالعيب، ثم اختلفا فقال المشتري: رددت عليك الذي ثمنه ألف درهم، فإن هلك أو هلك غير المردود وقد قبض البائع الثمنين جميعاً فالقول قول المشتري مع يمينه، إن ادعى المشتري على البائع استرداد الدينار لما كان الثمن مقبوضاً ينكر مع هذا جعل القول قول المشتري؛ لأن ثمن المردود أي شيء كان سقط بالرد بقي الاختلاف بينهما في جنس ثمن غير المردود وهو هالك في يد المشتري، والاختلاف متى وقع في جنس الثمن والسلعة هالكة في يد المشتري لا يتحالفان عند أبي حنيفة وأبي يوسف، ولكن يكون القول قول المشتري مع يمينه، ولم يذكر محمد رحمه الله هنا حتى ظن بعض مشايخنا: أن الاختلاف في المسالة المعروفة (٧٣أ٣) فيما إذا اختلف المتبايعان في قدر الثمن دون ما اختلفا في جنس الثمن والصحيح أن الكل على الخلاف.

ولو كان العبدين قائمين بأعيانهما تحالفا وترادّا بالإجماع واسترد المشتري الثمنين من البائع جميعاً؛ لأن العقد قد انفسخ في أحدهما بسبب الرد وفي الآخر بسبب التحالف، ولو كان اشتراهما جميعاً بمائة دينار صفقة واحدة فمات أحدهما عند المشتري الباقي بالعيب، واختلفا في قيمة الهالك فقال البائع كانت ألفي درهم وقيمة المردود ألف درهم فالقول قول البائع مع يمينه؛ لأن البائع استحق جميع الثمن بالبيع، وتم ذلك الاستحقاق بتسليم العبدين إلى المشتري بعد ذلك تنازعا فيما بطل استحقاقه برد المعيب فالمدعي زيادة فيه والبائع ينكر فيكون القول قول البائع، وإن أقام البينة (فالبينة) بينة البائع أيضاً؛ لأنها تثبت زيادة في قيمة ما هلك في يد المشتري.

فإن قيل: ببينة المشتري تثبت الزيادة أيضاً: في ثمن المردود بالعيب فوقع التعارض.

قلنا: المنازعة بينهما إنما هو وقع بسبب البيع فإنما يعتبر اختلافهما في قيمة ما بقي فيه العقد والذي بقي فيه العقد غير المردود، فيعتبر اختلافهما في قيمة غير المردود وبينة البائع تثبت زيادة في ذلك؛ ولأن بينة البائع تثبت الزيادة فيما بقي فيه العقد وتثبت الزيادة فيما بقي مستحقاً له من الثمن فكانت أولى بالقبول، ولو قال البائع كان ثمنها واحداً وكان ألفي درهم وقال المشتري كان الثمن الهالك خمسمائة وثمن المردود ألف وخمسمائة فالقول قول المشتري مع يمينه؛ لأنه لا منازعة بينهما في ثمن المردود بالعيب؛ لأن ذلك قد سقط بالرد وإنما المنازعة في ثمن الهالك في يد المشتري والمنازعة فيه وإنما وقع من وجهين:

أحدهما: في كون ثمنه مسمى والآخر في مقدار ثمنه والاختلاف متى وقع في مقدار الثمن بعد هلاك السلعة لا يتحالفان عند أبي حنيفة وأبي يوسف، ويكون القول قول المشتري مع يمينه وعند محمد يتحالفان بخلاف الفصل الأول؛ لأن هناك تصادقا أن ثمن الهالك لم يكن مسمى على حدة فكان الاختلاف في قيمة الهالك والاختلاف في مقدار القيمة لا يوجب التحالف بالاتفاق، ويكون القول قول من ينكر الزيادة في السقوط وهو البائع.

وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد: رجل اشترى من رجل جارية بمحضر من الحاكم بثمن من الورق، ثم مات ونسي الحاكم كم كان الثمن فخاصم البائع الورثة إلى الحاكم وأنكروا ذلك وأراد البائع أخذ الجارية، قال محمد رحمه الله: القاضي يقول للبائع كم كان الثمن، فإذا ادعى شيئاً عنه الورثة إن كانوا كباراً، فإن كذبوه في ذلك حلفهم على دعواه بالله ما تعلمون أباكم اشترى الجارية بذلك، ويقول للورثة ادعوا أنتم الثمن، فإذا ادعوا شيئاً حلف القاضي البائع إليه، فإن حلف ردّوا البيع، وإن كانت الورثة

<<  <  ج: ص:  >  >>