للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما واختاره، والأخر فقال البائع: أخترت الذي ثمنه عشرون، وقال المشتري: بل أخترت الذي ثمنه عشرة فالقول في الثمن قول المشتري.

وهو بمنزلة رجل اشترى ثوباً وصبغه، ثم اختلفا في قيمته ولا سبيل للبائع على الثوب؛ لأن الصبع زيادة فيه وليس هذا كالغضب، ولو أن المشتري قطع الثوب قميصاً ولم يخطه، ثم اختلفا في الثمن، فإن شاء البائع أخذ ما أقر به المشتري له من الثمن، وإن شاء أخذ الثوب مقطوعاً، وإن كان القطع قد زاد فيه مثل الصبغ فلا سبيل للبائع عليه، وله ما أقر به المشتري.

المعلى عن أبي يوسف: رجل أخذ من رجل ثوبين على أن يأخذ أحدهما بثمن مسمى فضاع أحدهما، وقطع الآخر فقال المشتري: أجزت الذي قطعت، ثم ضاع الآخر وأنا أمين فيه، وقال البائع أجزت الذي ضاع، ثم قطعت الآخر فعليك قيمة الذي قطعت مع ثمن الذي ضاع، فإن المشتري ضامن نصف ثمن الذي ضاع ونصف قيمة الذي قطع ونصف ثمنه.

نوع آخر في شرط الخيار لغير العاقد

يجب أن يعلم أن من اشترى شيئاً أو باع شيئاً اشترط الخيار لثالث، فالقياس: أن لايجوز العقد، وبالقياس أخذ زفر رحمه (الله) ، وفي الاستحسان: يجوز العقد ويثبت الخيار للعاقد، ثم يصير المشروط له بالخيار وكيلاً من جهة في الفسخ والإجازة، وإنما كان كذلك، وذلك لأن تقدير هذا الشرط عندنا كأن العاقد شرط الخيار لنفسه، ثم وكل المشروط له الخيار بالتصرف بحكم الخيار. /

ولو صرح بهذا كان العقد جائزاً؛ فإنه لو قال: بعت على أني بالخيار، ثم وكلت فلاناً بالتصرف بحكم الخيار، إن شاء أجاز وإن شاء فسخ صح، وصار فلان وكيلاً من جهته إذا علم بذلك، فكذلك إذا كان تقديره هذا وإنما جعلنا تقديره هذا؛ لأن اشتراط مايجب بالعقد لغير العاقد لايجوز بحكم الوكالة والنيابة فيصح من هذا الوجه حملاً لكلامه على الجواز.

هذا كما قال علماؤنا رحمهم الله: فيمين قال لآخر: أعتق عبدك عني بألف فأعتق فإنه يصير الأمر مستوياً منه أولاً ثم موكلاً إياه بالعتق تصحيحاً للأمر، حتى لا يلغو فكذلك هذا، وأيهما أجاز أو نقض صح ذلك؛ لأن تصرفه صدر عن ولائه، أما المشتري فظاهر، وأما المشروط له الخيار؛ فلأنه وكيل من جهة المشتري بالفسخ والإجازة، وإن أجاز أحدهما ونقض الآخر فإن عرف السابق منهما أولى؛ لأن تصرفه صدر عن ولائه فعقد حال وجوده أفاد حكمه ولا يعمل الآخر بعد ذلك، وإن خرج الكلامان معاً، ذكر في «المأذون الكبير» أن الفسخ أولى، وذكر في بيوع «الأصل» أن تصرف المشتري أولى نقضاً كان أو إجازة.

<<  <  ج: ص:  >  >>