للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما بيان وقوعها فنقول: إنهما نوعان نوع يرد على منافع الأعيان كاستئجار الدور والأراضي والدواب والنبات وما أشبه ذلك، ونوع يرد على العمل كاستئجار المحترفين للأعمال نحو القصارة والخياطة وما أشبه ذلك.

وأما بيان شرائطها فنقول يجب أن تكون الأجرة معلومة، والعمل إن وردت الإجارة على العمل، والمنفعة إن وردت الإجارة على المنفعة، وهذا لأن الأجرة معقود به والعمل أو المنفعة معقود عليه، وإعلام المعقود به وإعلام المعقود عليه شرط تحرزاً عن المنازعة كما في باب البيع، وإعلام المنفعة ببيان الوقت، وهو الأجل أو بيان المسافة.

وإعلام العمل ببيان محل العمل، وإعلام الأجرة إن كانت الأجرة دراهم أو دنانير ببيان القدر، وببيان الصفة أنه جيد أو رديء وتقع على نقد البلد إن كان في البلد نقد واحد، وتقع على نقد البلد الذي وقع فيه الإجارة.

حتى أن من استأجر دابة بالكوفة إلى الري بدراهم فعلى المستأجر نقد الكوفة، وإن كان في البلد نقود مختلفة، فإن كانت النقود في الرواج على السواء أولا فضل للبعض على البعض، أي: لا صرف للبعض على البعض فالعقد جائز، ويعطى المستأجر أي النقود شاء.

وإن كانت الأجرة مجهولة، لأن هذه الجهالة لا تفضي إلى المنازعة، وإن كانت النقود في الرواج على السواء وللبعض صرف على البعض فالعقد فاسد، لأن هذه الجهالة تفضي إلى المنازعة وإن كان أحدهما أروج فالعقد جائز وينصرف إلى الأروج، وإن كان الآخر فضلاً عليه بحكم العرف.

وفي «نوادر بشر» عن أبي يوسف: إذا كانت الأجرة فلساً فغلى أو رخص قبل القبض فلأجر الفلس لا غير، وإن كسد فعليه قيمة المعقود عليه، وكذلك كل شيء مما يكال أو يوزن فما ينقطع إذا كان استأجر بشيء منه وجعل أجله قبل انقطاعه فهل مثل الفلس، وإن كانت الأجرة مكيلاً أو موزوناً أو عددياً متقارباً فإعلامها ببيان القدر والصفة، ويحتاج إلى بيان مكان الإيفاء إذا كان له حمل ومؤنة وإن لم يكن له حمل ومؤنة لا يحتاج إليه، وهذا قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف: لا يحتاج إلى ذلك في الأحوال كلها.

والاختلاف في هذا نظير الاختلاف في السلم لأن الأجرة دين لا يجب تسليمها عقيب العقد فصار نظير المسلم إليه غير أن عندهما في باب السلم يتعين موضع العقد للتسليم، وهاهنا لا يتعين في إجارة الأرض والدار سلم عند الأرض والدار المستأجرة، وفي العمل بيده حيث تم فيه العمل.

وفي «نوادر هشام» عن أبي يوسف: رجل استأجر أرضاً بطعام إلى أجل ولم يسم أين يقبض الطعام، قال: هو جائز في قولي وقول أبي حنيفة، وقال محمد: هذا بخلاف السلم في قول أبي حنيفة.

وإذا كانت الأجرة عروضاً أو ثياباً يشترط فيه جميع شرائط السلم لأن الأجرة نظير

<<  <  ج: ص:  >  >>