للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا إذا وجب بالاستيفاء أو باشتراط التعجيل، وإن اشترى به منه شيئاً بعينه جاز، قبض ذلك في ذلك المجلس أو لم يقبض، وإن اشترى به منه شيئاً بغير عينه لا بد وإن قبض ذلك الشيء في المجلس حتى لا يقع الافتراق عن دين بدين.

وإذا استأجر الرجل داراً بعبد بعينه منه وأعتق رب الدار العبد قبل أن يقبض العبد من المستأجر، وقبل أن يسلم الدار إلى المستأجر فعتقه باطلاً؛ لأنه لا ملك له في العبد لا ملكاً تاماً ولا ملكاً موقوفاً بناءً على ما قلنا: أن الأجرة لا تملك إلا باستيفاء المنافع أو بالتعجيل أو باشتراط التعجيل، ولم يوجد شيء من ذلك هاهنا وإن كان رب الدار قد قبض العبد إلا أنه لم يسلم الدار إلى المستأجر بعد حتى اعتق العبد جاز إعتاقه، لأنه ملك العبد بالتعجيل، فالأجرة تملك بالتعجيل فقد أعتق ملك نفسه فينفذ، فإن انهدمت قبل أن يقبضها المستأجر أو عرفت أو استحقت فعلى المعتق قيمة العبد كله؛ لأن المنزل لم يسلم للمستأجر، فيجب على رب الدار رد البدل وهو العبد، وتعذر رده صورة لسبب العتق فيجب رده معنى برد القيمة، وهذا وبيع العين في هذا الحكم على السواء.

ومن باع عبداً بثوب وأعتق مشتري العبد العبد وملك الثوب قبل التسليم يجب على معتق العبد رد قيمة العبد وطريقه ما قلنا، ولو سكن المستأجر الدار شهراً وهلك العبد بعد ذلك في يد المستأجر قبل التسليم إلى رب الدار.

قال: على المستأجر أجر مثل الدار يعني بحصة الشهر؛ لأن أحد البدلين هلك قبل القبض وهو عين، والبدل الأجر، وهو القيمة قائمة؛ لأنه يجب قيمته على المستأجر رد ما قبض من المنافع بحكم فساد العقد، وتعذر رد عينها فيجب رد قيمتها وقيمة المنافع أجر المثل إلا أنه يجب أجر المثل هاهنا بالغاً ما بلغ حتى إذا كان أجر المثل أكثر مما يخص الشهر من قيمة العبد يجب ذلك كله بخلاف ما إذا كانت الإجارة فاسدة من الابتداء، فإنه لا يراد أجر المثل على ما يخص الشهر من قيمة العبد.

والفرق: أن المنافع إنما تتقوم بالعقد، وفي مسألتنا الاستيفاء في الشهر حصل بحكم عقد جائز من كل نوع؛ لأن العقد كان جائزاً حالة الاستيفاء في الشهر، وإنما فسد من بعد، فصار المستوفى متقوماً من كل وجه، فصار ملحقاً بالعين، ومتى وجب رد العين بسبب الفساد وتعذر رد عينه يجب رد قيمته بالغة ما بلغت، فأما إذا كان العقد فاسداً (١٧ب٤) من الابتداء فالعقد وجد من وجه دون وجه، فإنه وجد بأصله لا بوصفه فيثبت التقوم للمنافع من وجه دون وجه فيثبت التقوم بقدر المسمى، ولا يثبت فيما زاد على المسمى، ففيما زاد على المسمى الاستيفاء يكون نص عقد فلا يجب بمقابلة شيء، ثم أوجب قيمة المنافع ولم يوجب قيمة العبد.

فرق بين الإجارة وبين النكاح، فإن من تزوج امرأة على عبد وهلك العبد قبل التسليم أو استحق ترجع المرأة على الزوج بقيمة البدل وهو العبد لا بقيمة المبدل وهو منافع بضعها.

وفي باب الإجارة قال: متى هلك العبد قبل التسليم فرب الدار يرجع بقيمة المبدل

<<  <  ج: ص:  >  >>