للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع هذا لا تطيب الزيادة بذلك بالاتفاق.

وهو نظير ما لو استأجر أرضاً لا يمكن زراعتها لما فيها من التراب فرفع التراب ثم أجر بأكثر مما استأجر فإنه لا يطيب له الفضل وإن تيسر بسبب هذا الفعل الزراعة، لكن لما يزد من عنده شيئاً بل نقص لم يوجب ذلك طيبة الزيادة كذا هاهنا.

وفي «نوادر بشر» عن أبي يوسف: إذا استأجر الرجل بيتين صفقة واحدة، وزاد في أحدهما شيئاً وفي بعض النسخ وأصلح من أحدهما شيئاً له أن يؤاجرهما بأكثر مما استأجرهما، ولو كانت الصفقة متفرقة ليس له أن يؤاجرهما بأكثر مما استأجرهما وإذا أجر المستأجر الدار من آجره لا يجوز، لأنه لو جاز يصير الشخص الواحد مملكاً ومتملكاً في شيء واحد.

بيانه: أن المنافع إنما تصير مملوكة للمستأجر على حسب حدوثها والعقد في حق الملك يتجدد انعقاده على حسب حدوث المنافع فيصير المستأجر من الآجر متملكاً ومملكاً لكل منفعة حدثت في تلك وهذا مما لا وجه له ولا سبيل إليه، وهل تنفسخ الإجارة الأولى بهذه الإجارة الثانية مع أن الثانية لم تصح، اختلف المشايخ فيه بعضهم قالوا: تنفسخ.

قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: هذا غلط؛ لأن الثاني فاسد والأول صحيح والفاسد لا يقدر على رفع الصحيح، وعامتهم على أنه لا تنفسخ الأولى بالثانية، ولكن إذا قبض الأجر الأول المستأجر من المستأجر الأول حتى انتهت الإجارة الأولى تنتهي الإجارة الأولى؛ (٢٠ب٤) لأن الثانية فاسخة لهما ولكن؛ لأن المنافع تحدث ساعة فساعة وعلى حسب الحدوث يقع التسليم إلى المستأجر، فإذا استأجرها الآجر من المستأجر ثانياً واستردها منه فذاك يمنعه عن تسليم ما يحدث إلى المستأجر، فإذا داما على ذلك حتى انتهت المدة فقد انتهت المدة من غير تمكن المستأجر من استيفاء المعقود عليه، فتنفسخ الإجارة الأولى ضرورة حتى أن بعد مضي بعض المدة لو استرد المستأجر الأول المستأجر من الآجر الأول داراً، وأن يسكنه بقية الشهر فله ذلك؛ لأن العقد الأول إنما انفسخ في قدر ما تلف من المنفعة وقدر ما بقي من المنفعة هو على حاله وكذلك على هذا حكم الأجرة إذا أخذ الآجر الأول المستأجر من المستأجر الأول بحكم هذه الإجارة، ودام على ذلك حتى انتهت المدة، فالأجر على المستأجر الأول وإن لم يقبضه منه فعلى المستأجر الأول الأجر.

قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: ذكر في كتاب المزارعة إذا دفع أرضه مزارعة ثم إن رب الأرض أخذها مزارعة من المزارع فالمزارعة الثانية باطلة والأولى على حالها كذا في الإجارة، ولو أن المستأجر أعاد المستأجر من المالك لا يسقط عنه الأجر بلا خلاف بين المشايخ.

وفي «المنتقى» : إبراهيم عن محمد رحمهما الله: رجل استأجر داراً من رجل ثم إن المستأجر أجرها من صاحبها أو أعارها منه فذلك نقض للإجارة الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>