للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المكان، ولم يوجد أحد هذين، فكان المعقود عليه مجهولاً فلا يجوز.

وإذا تكارى دابة بالكوفة إلى بغداد بخمسة دراهم إن بلغه، وإلا فلا شيء له فالإجارة فاسدة، لأنه شرط فيها ما لا يقتضيه العقد، ولأحدهما فيه منفعة.

بيانه: أنه شرط أن لا يكون له أجر متى لم يبلغه، والعقد يقتضي وجوب الأجر بقدر ما سار، وإن لم يبلغه إلى بغداد.

وفي «الأصل» : إذا استأجر أرضاً بدراهم مسماة وشرط خراجها على المستأجر، فإن هذا لا يجوز.

واعلم بأن هذه المسألة على وجهين: إما إن كان الخراج خراج مقاسمة كلها، بأن كان الخراج نصف ما تخرجه الأرض، أو ما أشبهه، أو بعضها بأن كان وظيفة كل جريب درهم، وسدس ما يخرج منها أو ما أشبهه، أو كان الخراج خراجَ وظيفة كلها، بأن كانت وظيفة كل جريب درهماً فإن كان الخراج خراج مقاسمة كلها أو بعضها فعلى قول أبي حنيفة: لا يجوز؛ لأن خراج المقاسمة على المؤاجر عنده، فإذا شرطه على المستأجر فقد جعله أجراً وإنه مجهول كله أو بعضه؛ لأن مقدار ما تخرج الأرض مجهولاً.

ونقول: شرطا شرطاً لا يقتضيه العقد، ولأحد المتعاقدين وهو الآجر فيه نفع فإن أداء الخراج لا ينفك عن ذل وهوان ومثل هذا الشرط يوجب فساد العقد وعندهما يجوز العقد لأن عندهما خراج المقاسمة على المستأجر فقد شرطا شرطاً يقتضيه العقد فلا يفسد العقد وإن كان الخراج خراج وظيفة كلها فالعقد جائز بلا خلاف بين العلماء لأن خراج الوظيفة معلوم فتكون الأجرة معلومة ومن مشايخنا قال: ينبغي أن لا يجوز وإن كان الخراج خراج وظيفة لأن النقصان من وظيفة عمر رضي الله عنه جائز إن كانت الأرض لا تطيق ذلك بالإجماع، فإذا شرطا ذلك على المستأجر فقد شرطا شرطاً لا يقتضيه العقد ولأحد المتعاقدين وهو الآجر فيه منفعة فيفسد به العقد ولو كانت أرضاً عشرية فأجرها، وشرط العشر على المستأجر جاز في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله؛ لأن العشر عندهما على المستأجر فقد شرطا شرطاً يقتضيه العقد، فلا يوجب فساد العقد.

وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله: لا يجوز؛ لأن العشر عنده على المؤاجر، فإذا شرط ذلك على المستأجر فقد جعله أجراً وإنه مجهول وشرط شرطاً لا يقتضيه العقد فيوجب فساد العقد.

قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : رجل استأجر أرضاً بدراهم على أن يكريها ويزرعها، أو يسقيها ويزرعها فهذا جائز؛ لأن هذا شرط يقتضيه العقد، فإن العقد يقتضي السقي والكراب، لأن العقد عقد المزارعة ولا ينتفع بالأرض من حيث الزراعة غالباً إلا بالسقي والكراب، وإن شرط عليه أن يثنيها ويكري أنهارها أو يسرقيها فهو فاسد.

<<  <  ج: ص:  >  >>