للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرب يجب أن يجعل التنقل للتخليل حملاً لهذا العقد على الصحة.

وهو نظير ما لو استأجر الذميّ من المسلم بيتاً ولم يقل ليصلى فيه، فإنه يجوز، وإن كان له أن يصلي فيه ويتخذه بيعة وكنيسة.

وإذا استأجر الذميّ مسلماً ليحمل له ميتة، أو دماً يجوز عندهم لأن نقل الميتة والدم؛ لإماطة الأذى عن الناس مباح فتكون الإجارة واقعة على أمر مباح فتجوز، وقد تكون للأكل فتكون الإجارة واقعة على فعل حرام فلا تجوز، فإذا أطلق تحمل الإجارة على الحمل لإماطة الأذى تجويزاً للإجارة.

وإذا استأجر الذمي لنقل الخمر أو استأجر منه بيتاً ليبيع فيه الخمر جاز عندهم جميعاً؛ لأن الخمر عندهم كالخل عندنا وهذا بخلاف ما لو استأجر ذميّ من ذميّ بيتاً يصلّي فيه حيث لا يجوز؛ لأن صلاتهم طاعة عندهم معصية عندنا وأي ذلك كان لم تجز الإجارة، فأما في الخمر متى انتفت صفة المعصية بقي بعد ذلك صفة الإباحة، والاستئجار على فعل مباح جائز.

ولو استأجر مسلماً ليرعى له خنازير يجب أن تكون على الخلاف كما في الخمر ولو استأجره ليبيع له ميتة لم يجز؛ لأن بيع الميتة لا تجوز في دين من الأديان لأنه لا ثمن لها، وإذا لم يجز بيعه فقد استأجر على فعل ليس في وسعه تحصيله بحال (٣٠ب٤) وإذا استأجر الذميّ من المسلم داراً ليسكنها فلا بأس بذلك؛ لأن الإجارة وقعت على أمر مباح فجازت وإن شرب فيها الخمر أو عبد فيها الصليب أو أدخل فيها الخنازير، لم يلحق المسلم في ذلك شيء لأن المسلم لم يؤاجر لها إنما يؤاجر للسكنى، وكان بمنزلة ما لو أجر داراً من فاسق كان مباحاً، وإن كان يعصي فيها، ولو اتخذ فيها بيعة أو كنيسة أو بيت نار يمكن من ذلك إن كان في السواد.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: وأراد بهذا إذا استأجرها الذمي ليسكنها، ثم أراد بعد ذلك أن يتخذ كنيسة أو بيعة فيها، فأما إذا استأجرها في الابتداء ليتخذها بيعة أو كنيسة لا يجوز إلا إلى ما ذكر قبل هذا أن الذمي، إذا استأجر من المسلم بيعة يصلي فيها لم يجز بعض مشايخنا قالوا: وما ذكر في سواد الكوفة؛ لأن عامة سكانها أهل الذمة والروافض أما في سوادنا عامة سكانها المسلمون فيمنعون عن إحداث الكنائس كما يمنعون عنها في الأمصار، وكثير من المشايخ قالوا: لا يمتنعون عن إحداث الكنائس في سوادنا أيضاً.

قال: وإذا استأجر كتاباً يقرأ فيه لا يجوز شعراً كان أو فقهاً أو غيره.

وكذلك إذا استأجر مصحفاً وإنما لا يجوز، لأن الإجارة عقدت على القراءة والنظر، والإجارة على النظر والقراءة لا تنعقد؛ لأن القراءة فلا تخلو إما أن تكون طاعة أو معصية أو مباحاً.

فإن كانت القراءة طاعة كقراءة القرآن والأحاديث، كان هذا إجارة على الطاعة، والإجارة على الطاعة لا تنعقد.

وإن كانت معصية كالنياحة والغناء فهو إجارة على المعصية، والإجارة على المعاصي باطلة.

وإن كان مباحاً كقراءة كتب الأدب، فلأن القراءة والنظر مباح له بغير إجارة، إنما لا يباح حمله وتقلب الأوراق والإجارة لا

<<  <  ج: ص:  >  >>