للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يملك عزله كان وكيل الأول، فيكون هذا من القاضي قضاء لوكيل نفسه من وجه، وإنه لا يجوز.

فرق بين هذا، وبينما إذا أمر القاضي رجلاً أن يبيع مال اليتيم، فخاصم الوكيل في شيء من حقوق ذلك العقد إلى هذا القاضي، فإنه يجوز له أن يقضي لهذا الوكيل، والفرق أن القاضي في تصرف مال اليتيم ليس بخصم، وكذا نائبه، ولهذا لا يلحق العهدة، فانتقل العقد إلى اليتيم من كل وجه، فصار قضاء لليتيم من كل وجه لا لوكيل القاضي، أما هاهنا بخلافه.

وإذا وكَّل رجل القاضي، ثم عزل عن القضاء، أو كانت الوكالة قبل القضاء، ثم استقضي وعزل، فهو وكيل على حاله، حتى كان له أن يخاصم عند قاض آخر.

قال: في «الجامع الكبير» : وإذا مات الرجل، وله ديون على الناس بعضها على القاضي، وبعضها على من لا يقبل شهادته له بحق امرأته أو ابنه، فادعى رجل عند هذا القاضي أن الميت أوصى إليه، فاعلم بأن ها هنا ثلاث مسائل: إحداها: هذه، والحكم فيها أن القاضي إذا قضى بوصايته صح قضاؤه استحساناً حتى لو قضى بعض من سمينا الدين إلى هذا الوصي يبرأ، ولو رفع قضاؤه إلى قاض آخر، فإن القاضي الآخر يمضيه ولا ينقضه، وبمثله لو أن القاضي لم يقض له بالوصاية لا يصح قضاؤه حتى كان للورثة ولاية مطالبته بالدين.

والفرق أن القاضي بالقضاء في الفصل الثاني يعمل لنفسه؛ لأنه يثبت براءة نفسه ويصحح دفعه إليه، والقضاء لنفسه باطل، ولا كذلك في الفصل الأول.

يوضحه أن القضاء معتبر بالشهادة، والغريم لو شهد بالوصاية لهذا الرجل بعد ما أدى الدين إليه لا تقبل شهادته لمكان التهمة، فكذا لا يصح قضاؤه، وقيل: قضاء الدين لو شهد الغريم بالوصاية لهذا الرجل تقبل شهادته إذا كان الموت ظاهراً استحساناً؛ لأنه لا تهمة في هذه الشهادة؛ لأن للقاضي ولاية نصب الوصي إذا كان الموت ظاهراً بدون الشهادة، فكذا يصح قضاؤه أيضاً.

ثم إن محمداً رحمه الله سوى في الفصل الثاني بين القاضي وبين امرأته وأبيه، وقال: إذا رفع قضاؤه إلى قاض آخر أبطله، ولو أمضاه كان باطلاً، بعض مشايخنا قالوا: ينبغي أن يكون الجواب في امرأته وأبيه بخلاف الجواب في حق نفسه؛ لأن قضاء القاضي لنفسه باطل بالإجماع، فلا يجوز لأحد أن يمضيه، أما قضاؤه لامرأته وابنه مختلف فيه؛ لأن شهادته له لا يختلف فيه، فكذا قضاؤه، فالقضاء بالإمضاء مصادف محلاً مجتهداً فيه، فكان لغيره أن يمضيه إذا كان من رأيه ذلك، ولو لم يبلغ أحد الأوصياء، حتى جعل له القاضي وصياً، ثم إن القاضي، أو بعض من سميناه رفع الدين إليه يجوز الأنصباء، والنصيب، ويجوز الرفع إليه، وبمثله لو قضى الدين إليه أولاً، ثم نصب وصياً عن الميت لا يصح النصب، والوجه في ذلك أن للقاضي ولاية نصب الوصي عن الميت برأيه، ويكون هذا النصب قضاء؛ لأن القاضي في هذا النصب عامل لنفسه، ولا كذلك النصب قبل قضاء الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>