للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وارثاً لا وارث له غيره، ولم يزيدوا على هذا يعني: لم يشهدوا أن أب هذا المدعي مات وتركها ميراثاً له، فالمسألة على الخلاف الذي ذكرنا؛ لأنهم شهدوا بملك الجد والانتقال إلى ابنه فكأنهم شهدوا أنها كانت لأبيه، كلفتهم البينة على عدد الورثة، ثم نفذت القضاء لأنهم ما لم يشهدوا على عدد الورثة لا يصير نصيب المدعي معلوماً والقضاء بالمجهول لا يجوز؛ وكذلك إذا شهدوا أنها كانت لجد المدعي، كلفتهم البينة على عدد الورثة ثم نفذت القضية (١٣١أ٤) بحصة هذا المدعي، وهذا لأن الشهادة على أنها كانت لأبيه أو على أنها كانت لجده شهادة معتبرة عند أبي يوسف رحمه الله، وبها يثبت كون الدار مملوكاً للأب أو للجد عند الموت، وما كان للمورث عند الموت يصير ميراثاً لورثته، إلا أنا نعلم كم نصيب هذا المدعي من الميراث، فشرط بيان عدد الورثة ليعلم مقدار نصيب المدعي.

قال في كتاب «الأقضية» : دار في يدي رجل، أقام أحد البينة أن أبي اشتراها منه بألف درهم، وقد مات أبي والبائع يجحد ذلك، فإني لا أكلفه البينة أن أباه مات وتركها ميراثاً له ولكن أسأله البينة أنهم لا يعلمون له وارثاً غيره، فإن أقامها أمرته بدفع الدار إليه.

وإنما لم يكلفه إقامة البينة أن أباه مات وتركها ميراثاً له لأنه لما أقام البينة على الشراء منه، ومعلوم أن كل مانع مقر بالملك لمورثه وقد ذكرنا أن صاحب الدين إذا أقام البينة على إقرار ذي اليد بالملك لمورثه، كفى ذلك حجة للقضاء ولا يحتاج إلى جر الميراث كذا ههنا، وإنما سأله البينة على أنهم لا يعلمون له وارثاً غيره لدفع شبهة التلوم عن نفسه، وإلا هذا القدر كاف لتوجه القضاء به.

وإن كانت الدار في يد غير البائع سألته البينة أن أباه مات وترك هذه الدار ميراثاً له، لأن المدعي على ذي اليد ههنا نفس الملك للمورث والانتقال إلى نفسه بسبب الإرث، لا إقرار ذي اليد بالملك للمورث وهذا لأن دعوى القرار على ذي اليد في المسألة الأولى في ضمن دعوى البيع عليه، والمدعي ههنا لا يدعي البيع على ذي اليد فكان هذا في حق ذي اليد دعوى نفس الملك للمورث فلا بد من جر الميراث. وفي «الكتاب» يقول على وجه التعليل للمسألة الأولى: أن البائع بمنزلة المرتهن، ولو أقام البينة أن أباه رهن العبد عنده وجاء بالمال لينقده ويقبض الرهن، كلف إقامة البينة على عدد الورثة ولا يكلف جر الميراث كذا ههنا، فقد أشار إلى أن البيع في يد البائع محبوس لينقد الثمن، كالرهن محبوس في يد المرتهن لينقد الدين، وحكم الرهن ما ذكرنا. وحقيقة المعنى: أن المرتهن مقر بالملك للراهن أيضاً، لأنه مقر بصحة الرهن وذلك ملك الراهن فيعتبر بما لو أقر به صريحاً، ولو ادعى إقراره صريحاً قبلت البينة من غير جر الميراث كذا ههنا. فكذا في مسألة البيع: البائع مقر بصحة البيع، فيكون مقراً بملك المشتري ضرورة.

قال في «الأصل» : دار في يدي رجل جاء ابن أخ صاحب اليد وأقام بينة أن هذه الدار كانت لجده، مات وتركها ميراثاً بين أبيه وبين عمه هذا الذي الدار في يده نصفان،

<<  <  ج: ص:  >  >>