للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك، يعني بالبيع من الأب ثم بالإرث منه قبلت شهادته وقضي بالدار له، لأن بالتوفيق على هذا الوجه تزول المناقضة؛ لأن المناقضة في هذه الصورة من حيث إنه ادعى الملك في جميع الدار بالشراء وبالإرث في وقت واحد وهو منذ سنة.

فإذا قال: بعتها من أبي بعد الشراء منه ثم ورثتها من أبي منذ سنة، فإنما ادعى الملك بالشراء والإرث في وقتين، والملك بالشراء والميراث في وقتين متصور فزالت المناقضة، وإنما احتيج إلى إقامة البينة بعد التوفيق، لأن التوفيق إنما يثبت بالبيع من أبيه، وإنها دعوى على الأب وليس بإقرارٍ على نفسه، والدعوى على الغير لا تثبت إلا ببينة، وكذلك إذا ادعى هبة أو صدقة مكان الشراء كان الجواب فيه، كالجواب فيما إذا ادعى الشراء لأنه كما لا يتصور أن يكون الإنسان مالكاً لعين واحد في وقت واحد بالهبة والميراث أو بالصدقة والميراث.

ولو ادعى أمة في يدي رجل أنه اشتراها منه بعبده هذا منذ شهر، وجحد المدعى عليه البيع، وجاء بشهود شهدوا أنه اشتراها منذ قام من عند القاضي بألف درهم، والمدعي يدعي ذلك لم تقبل بينته، إلا أن يوفق، فيقول: اشتريتها بعبدي هذا فجحدني الشراء فاشتريتها منه ألف درهم، لأنه بالتوفيق تزول المناقضة وبدون التوفيق المناقضة ثابتة.

فإن قيل: المناقضة منهما منتفية بدون التوفيق؛ لأن الثابت أحد الشراءين وهو الشراء الأول؛ لأن الشراء الأول لا يخلو، إما إن كان ثابتاً أو لم يكن ثابتاً، إن لم يكن ثابتاً ثبت الثاني، وإن كان ثابتاً ينفسخ مقتضى ثبوت الثاني سابقاً عليه، بخلاف دعوى الميراث من أبيه، ودعوى الشراء من ذي اليد فإن أحد الأمرين هو الثابت لا يدري، فأما هنا فأحد الشراءين ثابت بيقين، والجواب أن الشراء الثاني غير ثابت بيقين، لجواز أن يكون الشراء الثاني بعد الأول بتراضيهما، فينفسخ الأول ويثبت الثاني، فيجوز أن يكون بغير رضا المشتري بأن جحده الشراء الأول، فاشترى ثانياً بألف، وعلى هذا التقدير لا ينفسخ الأول لكونه مضطراً في الثاني، فعلى هذا الاعتبار يكون الثابت الأول أو الثاني، لا الثاني بيقين، فكان الجواب فيه كالجواب في دعوى الشراء والميراث.

وإن كان الشهود شهدوا أنه اشترى منه منذ سنة بألف درهم لا تقبل منه، إلا أن يأتي بالتوفيق بأن يقول: اشتريتها منذ سنة بألف درهم كما شهد به الشهود، ثم بعتها منه ثم اشتريتها منه منذ شهر بهذا العبد.

وإذا ادعى عبداً في يدي رجل أن صاحب اليد تصدق عليه (به) منذ سنة وأقام شهوداً شهدوا أنه اشترى من صاحب اليد منذ سنتين، والمدعي يدعي ذلك، لا تقبل الشهادة إلا أن يوفق فيقول: اشتريته منه منذ سنتين، ثم بعته منه ثم تصدق به علي منذ سنة.

وكذلك إذا ادعى أنه اشترى هذا العبد من صاحب اليد منذ سنة، وشهد الشهود أنه تصدق به عليه منذ سنين لا تقبل الشهادة إلا أن يوفق على نحو ما قلنا.

ولو ادعى أن صاحب اليد تصدق به عليه منذ سنة وشهد الشهود أنه اشتراه منه منذ

<<  <  ج: ص:  >  >>